رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

هل ينجو الرئيس الفرنسى ماكرون من السقوط؟ وهل تخرج فرنسا من النفق المظلم أم تسير فى طريقها إلى الهاوية؟ وهل يأخذ قادة أوروبا العبرة والعظة من الاحتجاجات التى تعصف بفرنسا الآن؟

كل هذه الأسئلة وغيرها تتردد بين الساسة وفى أوساط النخبة.. ليس فى فرنسا وحدها ولكن فى دول أوروبا كافة.

الأحداث الأخيرة فى باريس وما حولها والتى اندلعت عقب مقتل صبى من أصل جزائرى عمره 17 عاما برصاص الشرطة ليست أحداثًا عادية.. ولكنها تعد الأسوأ فى تاريخ فرنسا الحديث.. فأحداث 2005 الشهيرة والتى أطلق عليها ثورة الضواحى واستمرت ثلاثة أسابيع احتجاجا على مصرع شابين من أصحاب البشرة السوداء أسفرت عن احتراق 1488 سيارة وتدمير 230 مبنى واعتقال 1300 شخص.. بينما أسفرت الأحداث الجارية عن اعتقال 1500 وحرق وتدمير أكثر من 700 متجر ومطعم وبنك وإشعال النيران فى 1900 سيارة واندلاع 871 حريقًا على الطرق العامة وبلغت الخسائر ٥٥ مليون يورو منها 2٠مليونًا فى الممتلكات العامة و٣٥ مليونًا فى الممتلكات الخاصة.. وكل هذه الأرقام مرشحة للزيادة.. فهذه حصيلة ٥ أيام فقط من الاحتجاجات.

النتائج المباشرة للاحتجاجات جاءت سريعة ومتلاحقة وأصابت الاقتصاد فى مقتل.. فالأمر لم يتوقف على الفوضى والعنف والانهيار الداخلى.. ولكن امتد ليضرب بقوة أركان الاقتصاد الفرنسى.

كانت السياحة أول القطاعات التى تأثرت بالاحتجاجات وكأن الأحداث جاءت ردا سريعا على غرور وزيرة السياحة الفرنسية وتصريحاتها المستفزة.. كانت الوزيرة أوليفيا غريغوار قد أطلقت تصريحات غريبة قبل اندلاع الأحداث بأيام قالت فيها إن فرنسا لا تريد مزيدًا من السائحين وأعربت عن انزعاجها من ارتفاع الأعداد، وقالت إن التدفق الزائد يؤثر سلبا على تجارب السائحين ونمط السكان ويهدد البيئة، وإن فرنسا تحارب ظاهرة السياحة الفائضة.. ليس هذا فحسب بل أعلنت الوزيرة عن وضع خطة لتنظيم تدفق السائحين إلى بلادها بسبب الارتفاع الكبير فى الأعداد بعد انتهاء جائحة كورونا.

والآن تبدل الحال وتحول الغرور إلى استجداء وبدأت الحكومة الفرنسية فى تنظيم حملات مدفوعة فى وسائل الإعلام العالمية الكبرى تحاول من خلالها إقناع السائحين بأن الأحداث لم تؤثر على قطاع السياحة وأن أعدادا من السائحين قرروا البقاء ومواصلة رحلاتهم رغم الأحداث التى تشهدها البلاد.

لكن يبدو أن الذى أمر بتنظيم هذه الحملات لا يعلم أنه يؤذن فى مالطا ويهدر الأموال المدفوعة فى هذه الحملات، وأن السياحة عندهم ستعانى على الأقل هذا الموسم إن لم تمتد إلى مواسم قادمة.. وهذا بدوره سيزيد من خسائر شركات الطيران وسيزيد أيضا من حالة الشلل التى أصابت الاقتصاد وحركة التجارة.

هذا هو حال فرنسا الآن.. أما الإجابة عن الأسئلة التى تحدد مستقبل البلاد ومصير رئيسها.. فإن الأمر يتطلب التوقف عند جذور الأزمة وطريقة التعامل معها والدروس المستفادة منها.. ومدى نجاح النظام فى احتواء غضب سكان الضواحى ومدى استجابة المهمشين لصوت العقل ووقف هذه الأعمال.. وهو ما سنتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.