عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صدق من قال إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، وأن نعمة العافية لا يشعر بها سوى فاقديها. ينبهنا المرض إلى قيمة شكر الله على كل لحظة تمر من أعمارنا ونحن أصحاء. كم هو عظيم أن نسير دون ألم، ونتحرك دون كلل، ونعمل دون عائق جسدى.

يعلمنا المرض أننا فى حاجة دائمة للالتفات لطبيعة ما نؤديه من أعمال ونحن غير عابئين بأن طبائع الأجساد تتغير بمرور الزمن. فما كنا نبذله من جهد ونحن فى بدايات الشباب، لا يمكن أداؤه ونحن فى الخمسينيات من أعمارنا. صحيح أن العمل قيمة عظيمة والاستغراق فيه أمر طيب ومحمود، لكننا فى بعض الأحيان ننغمس فى تفاصيله دون اكتراث بأى شيء آخر، لدرجة أننا لا نهتم بأن نريح أجسادنا لبعض الوقت، فيستنزفنا العمل ويلم بنا الوهن، ويباغتنا المرض كجرس إنذار ورسالة تحذير وتذكير بقيمة العافية.

لقد كُنت فى بدايات مشوارى المهنى أعمل لعدة أيام متصلة. أتذكر فى بعض الأحيان كيف كُنت أسهر بملابسى فى المكتب لصياغة وإعداد قانون ما، أو كتابة مذكرة مهمة، أتذكر كيف كنت فى كثير من الأحيان أواصل العمل ليلا نهارا لانجاز مهمة عاجلة. بالقطع كان ذلك طبيعيا فى شبابى، وكُنت سعيدا به انطلاقا من حماسى لعملى ومحبتى له، لكن يبدو أن استمرار الجهد بنفس معدلاته لسنوات وسنوات لم يكن أمرا صحيحا. وهذا هو ما تعلمته من وعكة صحية آلمت بى مؤخرا. فالعمل المتواصل مهما كان محببا لأى إنسان، فإن هناك ضرورة للحصول على لحظات راحة تمثل وقفات تعبوية، يعيد فيها كل إنسان حساباته، ويُخفف أعباءه بقدر الإمكان، ويتدرب على مزيد من تنظيم الوقت وتوزيع المهام، وإدارة العمل الجماعى بما يُقلل من الوقت المهدر ويوازن بين مختلف جوانب الحياة العملية والاجتماعية. إن لكل مرحلة من مراحل الحياة تدابير محددة، والحكمة تقتضى أن نتعامل مع كل منها بما يلائمها دون إنكار أو استهتار.

يقول لنا المرض: إن طاقة الإنسان مهما اتسعت محدودة، وأن جهده مالم يُنظم معرض للضياع، ويخبرنا أيضا بأن لأجسادنا علينا حقا، ولنفوسنا علينا حقا، ولمن يحيطون بنا علينا حقا، وأن واجبنا هو أن نعطى لكل ذى حق حقه دون إفراط أو تفريط.

يدعونا المرض أن نتعلم كيف نحافظ على أنفسنا بقدر الإمكان وأن نتجنب ما يضر ونقارب ما ينفع، وأن نفارق كل ما يراكم التوتر فى نفوسنا، وأن نتأمل الأحداث المحيطة بنا بروية وحكمة ورضا نفس.

يقينا فإن علينا أيضا أن نشكر الله دائما على نعمة الصحة، وأن يكون ذلك الشكر بمعاونة ودعم أى مشروعات تخدم صحة الإنسان فى أى مكان.

وعلينا أيضا أن نثمن جهد كل طبيب ونمتن لكل ممرض ونقدر كل صانع دواء أوعامل فى مركز صحى أو مستشفى، ونشكر كل شخص يساهم فى تخفيف أوجاع الناس فى كل مكان.

تلك كانت خواطر مهمة دارت فى عقلى خلال وعكة صحية، عافانى الله منها، فشكرا لله على نعمته. وسلامٌ على الأمة المصرية.