عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

قبل أن تقرأ.. الدكتور عبدالباقى إبراهيم (توفى عام 2000) رائد من رواد الدراسات التخطيطية والعمرانية فى مصر ومشروعاته وكتبه وجوائزه قد لا تعد ولا تحصى من كثرتها، وهو من جيل حسن فتحى، وشاركه بعض أنشطته وأسهم فى الطفرة العمرانية التى حدثت فى السعودية فى عز نهضتها خلال عقد السبعينيات حيث عمل كبير خبراء الأمم المتحدة للتخطيط العمرانى هناك.

من حسن حظى أننى كنت التقيه بشكل شبه دورى فى مكتبه بمركز الدراسات التخطيطية بمصر الجديدة، وذلك فى إطار اهتمامى بمجال تخصصه فى بداية عملى الصحفى فى عقد الثمانينات القرن الماضى، وكنت أخوض معه مناقشات لا تنقضى.

ولأن الحديث كان يدور ويتمحور حول قضايا التخطيط العمرانى، أذكر أن الرجل كان له ما اعتبره نظرية عبر عن فكرتها أكثر من مرة خلال لقاءاتى به مؤداها أن من مبادئ التخطيط العمرانى السليم العمل على رفع تكلفة الحياة فى المناطق القديمة فى ذات الوقت الذى يجب أن يتم السعى لخفضها فى المناطق الجديدة.

ولأن الفكرة تبدو مزعجة فقد كان يشرحها بقوله بأنه يجب لمحاولة تخفيف الكثافة السكانية فى القاهرة مثلا وتشجيع الناس على الانتقال إلى المدن الجديدة أن يتم تقديم الخدمات بأسعار مختلفة، فمثلا سعر الكهرباء فى المدينة الجديدة كأكتوبر -وقتها- يكون أقل من سعرها فى القاهرة، وكذلك سعر المياه. وكان تصوره أن ذلك يؤدى فى النهاية إلى بيئة شبه طاردة من المناطق القديمة المزدحمة والانطلاق إلى أفاق أرحب فى المدن الجديدة حيث تكلفة الحياة ستكون أرخص.

طبعا قد يرد البعض بأن هذا غير دستورى، ولكن الدكتور عبدالباقى رحمه الله كان يطرح فكرة فى إطار أحاديث شخصية أتصور أنها لم تتبلور بشكل كامل، ولعله يمكن البناء عليها والقول بأن الأمر ربما لا ينعكس فى سعر الخدمات فقط وإنما يمكن أن يشمل جوانب أخرى سواء مباشرة أو غير مباشرة، تستهدف فكرة جعل المدن القديمة المكتظة بالسكان طاردة والمدن الجديدة جاذبة.

سبب هذا الحديث أننا بعد أربعين سنة منه ما زلنا ندور فى ذات الحلقة المفرغة المتعلقة بكيفية التعامل مع الكثافات السكانية العالية فى مناطق مختلفة من المحروسة مصر، والقاهرة أبرز مثال.

وإذا كان ليس لمرء مثلى أن يفتى ومالك فى المدينة - ومالك هذا هو رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى وغيره من خبراء التخطيط العمرانى - فإن المسألة تبقى مثارة فى ظل ملاحظات عدة على نمط ما يجرى من عمليات تخطيط وإعادة تخطيط تجعل القاهرة - التى تضخمت كما لم يحدث لمثيلاتها من قبل - تستخوذ على النصيب الأكبر من استثمارات التخطيط بما يجعلها جاذبة وليست طاردة. ما يجرى، ولعل فى طرحى ما يصدم بعض الشيء، يجعل الحياة فى القاهرة أكثر سهولة، ما يجعلها عرضة لمزيد من الهجرة من الأقاليم الأخرى بحرى وقبلى.

المشكلة أن بعض الرؤى تمثل مزيد من الضغط الذى قد يصل حد الإنفجار على العاصمة - القاهرة وليس الإدارية فالأخيرة لها حديث آخر أن شاء الله. بهذه المناسبة ذكر لى صديق مهندس أن مشروع تخرجه منذ ثلاثين سنة -لاحظ- كان حول مثلث ماسبيرو وكان من الافكار المتصورة تحويله لمسطح آخضر. طبعا ضغط الحاجة قد يفرض على الحكومة تصورا آخر يدر أموالا فى ظل الظروف الصعبة التى نحياها. لكن المسألة تفرض نفسها فى اتجاه آخر يتعلق بتلك الجهات التى ستنتقل إلى العاصمة الإدارية من وزارات وجهات رسمية مختلفة.. قد تمثل هذه فرصة لاستدراك ما فات واعتبارها فرصة حقيقية لتحقيق هدف تفريغ أو خلخلة الكثافة السكانية فى القاهرة. وللحديث بقية.

[email protected]