رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

«العولمة الثقافية الحديثة»، عالَمٌ مثير للشفقة.. يحاول دائمًا فرضَ أنماطٍ وسلوكياتٍ جديدة، في علاقاتنا الاجتماعية والإنسانية، حتى أصبح «التفاعل» غالبًا، مجرد مشاعر سطحية زائفة، لا يُرتجى منها إصلاح ما أفسدته التكنولوجيا!

عالَمٌ افتراضي «وهمي»، يلجأ كثيرٌ من «سكانه» إلى تَصَنِّع مثالية زائفة، وتَدَيِّن شكلي، وباتت مشاعره جزءًا من هذا الفضاء الإلكتروني، وأحاسيسه مرتهنة بـ«الحالة».. أو ما ينشر عبر «البوستات»!

«مشاركات» لم تعد فقط للتعبير أو التنفيس عن واجباتنا الاجتماعية كـ«أضعف الإيمان»، بل أصبحنا نُهدر وقتنا ومشاعرنا وحروفنا وكلماتنا.. وكل ما يجب أن نُعَبِّر عنه، كما ينبع من القلب، أو كما نرغب ونتمنى!

عندما اجتازت «ثورة التكنولوجيا الحديثة» حدود الزمان والمكان، بسرعة فائقة، تبدّلت القيم والاهتمامات، ومعها تغيرت مواصفات الإنسان وأولوياته، عمَّا كانت عليه في الماضي.. والنتيجة أن مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، أصبحت وسيلة وحيدة للتواصل مع من نُحِب، عبر رسالة عابرة، للتهنئة أو المشاركة في أي مناسبة!

الآن، أصبحنا مجرد دُمى بأحاسيس تكنولوجية، تقبلناها كواقعٍ فُرض علينا في صحراء مشاعر قاحلة وكاذبة، جعلتنا أرواحًا هامدة لا روح فيها، لتتمكن منَّا مساوئ التكنولوجيا، وتجعلنا كالأشباح «حاضرين، وغائبين فى نفس الوقت».. فتحوَّل الإنسانيّ إلى «افتراضيّ»، والحميمية إلى عُزلة وانفصال وتبلد للمشاعر!

مبكرًا، بدأ تدفق سيل جارف من تبادل التهاني بعيد الأضحى المبارك، عبر مِنَصَّات التواصل الاجتماعي.. وبعد أن كانت تتم في السابق من خلال زيارات ولقاءات مباشرة، تطورت بعد ذلك إلى مكالمة هاتفية قصيرة، ثم أصبحت الآن مقتصرة على رسائل محولَّة «باردة» و«مجانية» معادٌ إرسالها!

لقد أثبت الواقع المُعاش أن انتشار وتطور تقنيات الاتصال ومِنَصَّات التواصل الاجتماعي، لم يسهما في إعادة الدفء للعلاقات الأسرية والعائلية المطلوبة، أو تحقيق صلة الأرحام بالشكل المثالي، كـ«بديل دافئ» عن الزيارات واللقاءات المباشرة، وأداء الفروض الاجتماعية المقدسة!

ربما تعرضت علاقاتنا الاجتماعية لإهمالٍ واضحٍ، للانشغال بسبب أعباء الحياة، لكن ذلك لا يعفي ـ القريبين مكانيًا على الأقل ـ من التواصل المباشر، الذي يحقق التوازن والسلام والمحبة والود والألفة بين الجميع.. فحرارة اللقاء لا يعادلها ألف رسالة أو «بوست»!

إذن، «العولمة الثقافية الحديثة» لا ولم ولن تحقق الدفء الحقيقي، لأنها تفتقر إلى المدد الحسِّي والرؤية، وبالتالي لا قيمة لتهنئة «سريعة التحضير»، عن أداء أهم واجباتنا الاجتماعية.

أخيرًا.. يجب عدم اختزال صلة الأرحام أو التهاني والتبريكات بالأعياد، في عبارات وجُمل أو رسائل وصور يتناقلها الناس فيما بينهم عبر مواقع التواصل، فالعلاقات الإنسانية أسمى من اختزالها في هذا «الوهم المجاني»... أضحى مبارك، وكل عام وأنتم بخير.

فصل الخطاب:

لا تدع التكنولوجيا تُملي عليك حياتك.. حاول أن تكون اجتماعيًا، لا أن تؤدي منشورات اجتماعية.

[email protected]