رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أصبحنا نسمع تحت قبة البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ، عبارة «ترقيع القوانين» بعد أن كانت قاصرة أيام النظام السابق عندما كانت الحكومة تسيطر على العملية التشريعية برمتها وتمرر ما تشاء من قوانين من خلال البرلمان الذى كانت تمتلك أغلبية مقاعده أو بنظام وضع اليد، والذى كان يساعد الحكومة فى السيطرة على عملية التشريع هو أن دستور 71 كان يحصر التشريع فى تقدم رئيس الجمهورية بمشروعات القوانين إلى البرلمان، وكان الدستور يتعامل مع رغبات النواب فى تقديم تشريعات على أنها اقتراحات لا ترقى إلى مشروع القانون وكان يحيلها إلى لجنة تجرى لها عملية أشبه بـ«الانترفيو» وتنتهى بعدم الموافقة عليها ولا تدرج فى جدول أعمال المجلس إلا وهى مرفوضة بالثلاثة، استسلم نواب البرلمان خلال حوالى 60 عاما لـ«بابا الحكومة» بأنها تعرف مصلحتنا أكثر مننا، وكان التشريع يأتى من عندها، ويكتفى مجلس النواب عند المناقشة بإضافة همزة أو كسرة أو إعراب كلمة لتتطابق مع اللغة العربية السلمية، ولكن فى إحدى المرات تحدى وزير شئون الحكومة مجلس الشعب، وطلب من رئيس لجنة برلمانية كانت مكلفة بمناقشة مشروع قانون متعلق بالعملية التعليمية، وأصدر له تعليمات -كما قال رئيس اللجنة فيما بعد- بعدم تغيير حرف واحد فى مشروع القانون المحال إلى لجنته ويقره كما هو!

وكان هذا المشروع فيه لقمة طرية حلوة كما يقول عمال المعمار، وانتهى بإنشاء الجامعات الخاصة فى ذلك الوقت الذي كان فيه البرلمان غرفة تابعة للمكتب السياسى للحزب الوطنى المنحل أو الذى انحل بعد قيام ثورة 25 يناير.

المرحلة التى كانت تصب فيها مشروعات القوانين من مصدر واحد، عرفت ترسانة القوانين، وغاية التشريعات، والقوانين سيئة السمعة والتى كانت تطلق على قوانين مباشرة الحقوق السياسية الثلاثة لأنها كانت مصممة على مقاس السلطة فى ذلك الوقت انتخابا وترشيحا على طريقة «الدفاتر دفاترنا»!

غل يد مجلس الشعب فى التشريع طبقا لدستور 71 وإطلاق يد الحكومة فيه تسبب فى ترهل تشريعى، وتزاحم التشريعات المنظمة للموضوع الواحد، وهو ما عرف بعملية ترقيع القوانين أى إضافة تعديلات إلى القانون الرئيسى دون المساس بباقى مواده، وهى حيلة كانت تلجأ إليها الحكومة لتعديل مادة أو أكثر فى قانون صدر منذ 100 عام على الأقل لتفادى عملية المطالبة بتعديل المواد التى لا تساير العصر، وفى نفس الوقت ترتاح لها الحكومة!

والدليل على عملية الترقيع التى مازالت مستمرة حتى اليوم وجود قوانين مثلا صدرت منذ الخمسينيات ومازالت تذكر بأرقامها وتاريخ صدورها وبأرقام وسنوات التعديلات التى صدرت عليها والتى تتعدى فى بعض القوانين عشرات التعديلات، مثلا تقول القانون رقم كذا الصادر سنة كذا وتعديلاته أعوام كذا بأرقام كذا، هذه الربكة التى تعتبر ترقيعًا للقوانين أدت إلى التضارب والتعارض فى التطبيق، وتسببت فى مشاق للمحامين والمتقاضين والمحاكم عند المفاضلة بين القانون الأصلح للمتهم، ثورة النواب ضد الترقيع هدفها تجميع القوانين المتشابهة فى قانون واحد، وضم كل التعديلات لمنع عملية التشتت.

فى العملية التشريعية مصر تمتلك أكبر نسبة تشريعات فى العالم، وأول تشريع مصرى صدر عام 1905، وكانت عملية التشريع قبل ذلك تصدر بأوامر ملكية، وتعرضت التشريعات لعملية تنقيح وفلترة عدة مرات آخرها كان بعد ثورة 25 يناير عندما تم تشكيل لجنة للإصلاح التشريعى، وقامت بعملية تصنيف للتشريعات.

العملية التشريعية فى ظل دستور 2014 تسير نحو الأفضل وفى سبيلها للتخلص من تراكمات الماضى التى تسببت فى تزاحم التشريعات المنظمة للموضوع الواحد والتى يطلق عليها عملية ترقيع، خاصة وأن الدستور الحالى منح عُشر أعضاء مجلس النواب سلطة التقدم بمشروعات قوانين لا تحال إلى لجنة الفلترة أو لجنة الرفض، وتحال مباشرة إلى لجنة الموضوع، ويستطيع مجلس النواب إدراجها فى جدول الأعمال ومناقشتها وإصدارها دون انتظار أى مساعدة أو طلب من الحكومة، بجانب أن التشريع هو سلطة رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النواب.