عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يبدوالخبر غريبا لكنه يحمل دلالات عديدة لكل متابع للشأن الأمريكى، خاصة أن هذا الشأن يؤثر بقوة فى العالم، نظرا لما تمثله الولايات المتحدة من ثقل سياسى واقتصادى عظيمين.

يقول الخبر الذى تابعناه وقرأناه جميعا قبل أيام إنه سيتم تقديم الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب للمحاكمة بعدة تهم، أبرزها الاحتفاظ بوثائق تخص الأمن القومى، والكذب على مسئولين حاولوا استعادة هذه الوثائق مرة أخرى.

لقد تم اتهام الرجل بعدم التزامه بمقتضيات عمله كرئيس للجمهورية واطلاعه لأشخاص -غير مرخص لهم بالاطلاع- على وثائق سرية تخص الأمن القومى الأمريكى، واحتفاظه بهذه الوثائق فى منزله الخاص، فضلا عن ذلك، فإن هناك سلسلة ملاحقات أخرى يُعدها خصومه بهدف التأثير عليه فى الانتخابات القادمة المزمع إجراؤها فى العام المقبل.

ووجه الغرابة هنا أنها تكاد تكون المرة الأولى التى يمثل فيها رئيس أمريكى سابق للمحاكمة فى نحو37 تهمة مختلفة، بهدف ابعاده عن الترشح لفترة جديدة فى الانتخابات التالية حسبما يشير المتابعون.

وأول دلالة هامة نقرأها هنا وراء الخبر هى أن لكل نظام مهما بدا تميزه بعض المشكلات، وأن بعض النصوص التى تستهدف تحقيق العدالة يتم استخدامها فى بعض الأحيان لضرب الخصوم السياسيين خاصة خلال الانتخابات.

ثانى دلالة هى أنه لا يوجد نظام سياسى مُحكم فى أى دولة فى العالم يضمن اختيار الأفضل دائما، وأن لكل نظام سياسى ثغراته، والدليل على ذلك أن النظام الأمريكى العتيد فى الديمقراطية أتى بالرئيس ترامب والذى يُحاكم الآن بتهمة إفشاء أسرار الأمن القومى.

ثالث الدلالات هى أن سلطة القانون تبقى فى النهاية هى السلطة النهائية للفصل بين كافة السلطات، وأن احترام مبدأ سيادة القانون، وخضوع الجميع له هو وحده ما يضمن الاستقرار للنظام السياسى، مهما شهد من أزمات.

إن مقاومة ترامب نفسه لاتهامات خصومه، وردوده القوية عليها فى الإعلام، وأمام هيئات التحقيق، وقوله إن الأمر هو نوع من الضغط عليه لإخراجه من المشهد السياسى، واصراره على المُضى قدما فى سعيه للترشح لفترة رئاسة أخرى، يؤكد بدون أدنى شك أنه لا حدود لرغبات البشر وإيمانهم بذواتهم فى العالم المتحضر، خاصة أن الرجل تجاوز السابعة والسبعين من عمره، وهى سن تبدو ملزمة بالراحة فى تصوراتنا. لكن هيهات لطالب سُلطة أن يترك مطلبه تحت زعم كبر السن، لأن هذا المطلب قد يكون دافعه لمحبة الحياة والتمسك بها.

وتبقى الإشارة الواضحة جدا فى المحاكمة، وهى متكررة فى محاكمات كثيرة فى العالم الغربى، وهى النظر إلى الكذب باعتباره إخلالا بتعاقد الحاكم والمحكوم. فالناخبون فى الدول المتقدمة قد يغفرون لزعمائهم وقادتهم سوء التقدير فى اتخاذ بعض القرارات، وضعف الأداء، والخطأ فى اختيار المعاونين، والتسرع فى الحكم على بعض الأمور، لكنهم لا يغفرون لهم أبدا الكذب، وإخفاء الحقيقة.

ثمة ملاحظة أخرى تقول لنا إن الإعلام فى الدول الغربية يلعب دورا كبيرا فى ترجيح كفة مرشح ما، وصناعة جماهيرية لها، أو بناء نفور تجاهه، ولا شك أن المتابع لهذا الحراك الإعلامى المثير فى أمريكا يوقن أنه لا بيئة سياسية سليمة دون إعلام قوى ومؤثر، وهو ما نأمل أن نشهد مثيلا له فى عالمنا العربى.

وسلامٌ على الأمة المصرية.