عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الدين بيقول إيه»؟!

 

في ظل الأجواء الإيمانية والروحانية، التي تجتاح مِنَصَّات التواصل الاجتماعي هذه الأيام المباركة، من شهر «ذي الحجة»، بعد «دَوْشة التريندات»، لصاحبة «الفستان الأزرق»، وأغنية «سطلانة».. لا غرابة أن تجد من يفاجئك عندما يراك عابسًا بالقول: «سمعت آخر فتوى»؟!

للأسف، خلال الفترة الأخيرة، لم تعد تسمع من يُمازحك قائلًا: «سمعت آخر نكتة»، بل أصبح الشائع حاليًا: «سمعت آخر فتوى»، على اعتبار أن الفتاوى أصبحت مثل النِّكات، ولذلك لن يبدو مفاجئًا أن يطالب البعض بإنشاء جائزة أو مسابقة لمن يُطلق أسرع أو أغرب فتوى، شريطة أن تكون تلقائية وجديدة ومبتكرة!

قبل أيام، انتشرت «فتوى»، إحدى الإعلاميات، لصديقتها الفنانة، التي أعلنت انفصالها عن زوجها قبل وضع مولودها الأول، لتُفْتي عبر «إنستجرام» بأن «الطلاق باطل.. أنا عارفة إنك حامل، والحامل لا تُطلق، ومش عارفة مين الشيخ اللي عمل إجراءات الطلاق، أنا مراجعتش جوجل»!!

انتهى نَصّ الفتوى، ليحضرني «الإفيه» الشهير للفنان عادل إمام، في فيلم «حسن ومرقص»، عندما يتعثر في الإجابة على أي سؤال ديني، ليتحدث إلى شيخ الجامع قائلًا: «هو الدين بيقول إيه»؟، فيتلقى الإجابة منه، ثم يُعَقِّب: «مش محتاجة يعني»!

مع الأسف.. أجدني غير مستوعب لهذه الحالة الصادمة والمتناقضة، التي آلت إليها أمور الإفتاء، بعد أن أصبحت مستباحة ومن دون ضوابط، ما يجعلنا نشعر بالأسف والأسى على «هَيْبَة» الفتاوى، وكأن هؤلاء الذين يتصدّون لها، لم يقرؤوا يومًا الحديث النبوي الشريف «أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار»!

ما يدعو للدهشة حقًّا هو أن الأدوار تبدَّلت، ولم تعد الفتاوى مقصورة على «رجال الدين»، بل أصبحت «ساحة اجتهاد» لمشاهير الفن والإعلام والصحافة والسياسة، وبالتالي لم يجد بعض رجال الدين غضاضة في أن يكونوا إعلاميين!

وبتدقيق النظر في التصريحات المنسوبة إلى بعض المشاهير، تحت شعار «الإسلام الوسطي الجديد»، نلحظ أنهم ببساطة يكشفون عن سوءَة جهلهم الفاضح، بل أدنى مستويات الجهل، وادِّعاء الثقافة في علوم الفقه والحديث والتفسير!

لعل المتابع لتصريحات هؤلاء «المبدعين» سيجد غرائب وعجائب بلا حدود، وما ذاكرة «يوتيوب» ببعيدة، سواء أكان بتحريف آيات من القرآن، أم الاستشهاد بأجزاء من أحاديث نبوية، أو أبيات من الشعر، أو حتى أمثال شعبية، على أنها كلام الله، لنجد أخطاء كارثية فاضحة لبعضهم، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن دقة النَّصّ، والتأكد من صحة النقل!

أخيرًا.. «لا فقر أشد من الجهل»، ولذلك نعتقد أن أكثر شيء يمثل خطورة على الأمن القومي والإنساني هو أن يتحكم الجهل في كافة مناحي الحياة، لنعيش زمانًا جاهلًا، يزحف فيه المجهول على المعلوم!

فصل الخطاب:

في فترات السقوط والتردِّي، تتراكم مظاهر تغييب العقول، والسطو على وعْي الناس ووجدانهم.. وحتى دينهم!

[email protected]