عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أيام قليلة كشفت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم فى مصر خلال شهر مايو ليبلغ نحو 32.7 فى المئة، مقارنة بنحو 30.6 فى المئة خلال شهر إبريل الماضى، وهو ما يعنى اقترابه من أعلى مستوى تضخم شهدته مصر فى العصر الحديث وهو الذى حدث فى يوليو سنة 2017 وبلغ وقتها 32.9 فى المئة.

ولا خلاف على أن هذا الرقم يعكس أزمة اقتصادية كبيرة تشهدها مصر وتتواصل آثارها منذ جائحة كوفيد 19، وما تلاها مباشرة من اندلاع للحرب الروسية الأوكرانية، وما حملته هذه الحرب الدامية من تأثيرات سلبية عديدة على الاقتصاد المصرى نتيجة تأثر السياحة، وتعطل شحنات الغذاء الأساسية التى تستوردها مصر، وارتفاع أسعارها.

وأعتقد أن الشعور العام بالتضخم لدى مختلف القطاعات الاجتماعية فى مصر أكبر مما كان عليه فى يوليو 2017 نظرا لانكماش الدخول، وتباطؤ حركة الاقتصاد، وطول فترة الركود، فضلا عن أن القطاع الحاكم للتضخم هو قطاع السلع الغذائية الذى شهدت أسعارها ارتفاعات كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية نتيجة تغيرات سعر الصرف. ولم يكن غريبا أن يخفض البنك الدولى توقعاته المستقبلية بشأن معدل النمو للاقتصاد المصرى بنسبة 0.8 فى المئة.

وفى تصورى، ووفقا لفلسفتى الذاتية، فإن كل أزمة شديدة الوطأة يتعرض لها بلد ما، تتضمن بعض الجوانب الإيجابية التى يمكن تفصيلها فى التوقف للتقييم والدراسة والسعى للتعلم وتصحيح المسارات وتغيير السياسات. ولا شك أن أبرز ما يُمكن أن تخلفه الأزمة الراهنة على المستوى الرسمى هو ضرورة إنشاء كيان قومى متخصص فى التنبؤ بالأزمات، يضم خيرة كوادر العمل البحثى والعلمى فى مختلف المجالات. وتتمثل مهمة هذا الكيان فى استشراف المستقبل، واعداد السيناريوهات المفترضة لمختلف القطاعات ووضع توصيات واضحة وشفافة للتعامل مع كل فرضية.

إننى أتصور أنه لو كان لدينا جهاز بحثى متميز للتنبؤ بالأزمات قدم لنا دراسات عميقة ورصينة عن مختلف جوانب الأزمة الاقتصادية الراهنة قبل حدوثها ربما لاستطعنا تخفيف كثير من آثارها السلبية.

إن قراءة المستقبل هو أمر لازم فى عالم اليوم الذى يشهد كل يوم تغيرات جذرية على مستوى السياسات والأفكار فى ظل ثورة تكنولوجية متسارعة تُغير كل شىء، وتكسر كل مسلمة نظرية، وكما قلت مرارا، فإنه لا ينبغى التأخر عن السعى نحو المستقبل، خاصة أننا مؤهلون للعب دور فى ذلك نتيجة تميز بلادنا بشريحة واسعة من الشباب المرتبط بالتكنولوجيا.

أتذكر كتابا رائعا صدر حديثا للكاتب البريطانى مايكل باسكار بعنوان «مستقبل الأفكار الكبيرة فى زمن التفكير المحدود» رأى فيه ضرورة الاستفادة من الاضطرابات الحالية فى العالم تجربة الجائحة لتوليد أفكار طموحة وجديدة تخالف النمطى من الأفكار. وفى تصوره فإننا فى حاجة ماسة لاستعادة الأفكار الكبيرة، وهى فرصة الأمم الصغيرة والشعوب الفقيرة للحاق بركب التقدم.

وهذا ما نتمنى أن تُخلفه لنا الأزمة. 

وسلام على الأمة المصرية.