رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

كنت أتمنى ألا تمر الذكرى الرابعة والسبعون لرحيل نجيب الريحانى دون احتفالات تليق بأعظم فنان كوميدى مصرى وعربى على مر العصور، فالرجل الذى غاب عنا فى 8 يونيو من سنة 1949 كان بمثابة بلسم يتداوى به كل طبقات الشعب، الملوك والحكام، الفقراء والأثرياء، الباشوات والبسطاء، فالملك فاروق نعاه، وطه حسين رثاه، ومحمد عبدالوهاب عدّد مزاياه، والشاب الواعد آنذاك فؤاد المهندس تولى إعداد الجنازة وقادها بنفسه من المستشفى اليونانى بالعباسية، حيث مات الريحانى، حتى مدفنه الأخير.

الجميع بكى الرجل الذى فجر الضحك الراقى فى صدور الناس، دون ابتذال فى الحركة، أو فحش فى القول، أو سخف فى الأحداث، إذ اعتمد الريحانى على نص مسرحى مكتوب بإحكام، وعلى إجراء عشرات البروفات على هذا النص، حتى يغدو سلسًا مطواعًا على ألسنة الممثلين قبل بداية العرض، الأمر الذى يهب المشاهد شعورًا ممتعًا وهو يتابع أحداث المسرحية وكأنها وقائع حياتية حقيقية.

 لم يكن الريحانى مجرد ممثل فذ فحسب، بل كان مخرجًا وصاحب فرقة مسرحية يسودها الانضباط والجدية، كما أنه كان مشاركًا أصيلاً فى كتابة النصوص مع العبقرى الآخر بديع خيرى. وعلى الرغم من أننا والجيل الذى سبقنا لم نتمتع برؤية الريحانى على المسرح، إذ رحل قبل أن تعرف مصر التليفزيون، إلا أن السينما، هذا الاختراع الساحر، أسعفتنا بتسجيل صورة الرجل وأدائه من خلال مجموعة من الأفلام التى تعرض فى الفضائيات باستمرار، ومن عجب أن المرء لا يمل من مشاهدتها نظرًا لأنها تتكئ على منظومة الإتقان المطلق، والفن الذى يعيش ويبقى ويحظى بالخلود هو الذى يحقق الإتقان المطلق، ولنا فى أم كلثوم وعبدالوهاب ونجيب محفوظ أسوة حسنة.

لنجيب الريحانى فى بنك السينما تسعة أفلام، اثنان منهما مفقودان حتى الآن هما: (حوادث كشكش بك) الذى أخرجه كارلو بويا عام 1934، و(بسلامته عايز يتجوز) الذى حققه المخرج ألكسندر فاراكاش سنة 1936، كما قدم الرجل فيلم (ياقوت) عام 1934، وقد كان هذا الفيلم مفقودًا أيضًا، لكن تم العثور عليه قبل سنوات قليلة، وهو من إخراج الفرنسى روزييه. 

فى 1937 قدم الريحانى تحفته الخالدة (سلامة فى خير) للمخرج الواعد آنذاك نيازى مصطفى، والذى يعرض حتى الآن فى الفضائيات فيحصد المتعة المنشودة. ثم توالت أفلام الريحانى المعروفة هكذا (سى عمر 1941)، و(لعبة الست/ أحمر شفايف 1946)، و(أبوحلموس 1947)، ثم (غزل البنات 1949) وهو آخر أفلامه.

أجل... كان الريحانى معجزة حقيقية عابرة للقرون، فقد قال عنه محمود ياسين إنه قد يكون أفضل ممثل فى العالم، وقال نور الشريف إن الريحانى سابق عصره بمراحل، أما طه حسين فرثاه قائلاً: (أرسل الريحانى نفسه على سجيتها، فملأ مصر فرحًا ومرحًا وتسلية وتعزية، ولو فرغ الريحانى لنفسه وعكف على فنه، لكان آية من آيات التمثيل فى العالم كله). 

لقد صدق الأستاذ العميد، فما أعظم الريحانى، وما أجلّ العميد.