رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

ما العلاقة بين هزيمة يونيو 1967 وفؤاد المهندس؟

وبتحديد أكثر... هل من رابط بين تلك الهزيمة المؤلمة وبين مسرحية (سيدتى الجميلة) التى لعب بطولتها فناننا القدير؟

الحق أن العلاقة قد تكون أوثق مما نتخيل، وسأشرح ذلك فورًا.

عندما وقعت هزيمة يونيو، اعترى كثير من الناس حنين جارف إلى زمن ما قبل عبدالناصر ورفاقه، هكذا أتخيل، لأن حكام ذلك الزمن البعيد لم يتعرضوا لخسارة فادحة وبالتالى تغدو المقارنة بين عبدالناصر والملك والخديو ليست فى صالح الأول، الأمر الذى بات يهدد شرعية نظام يوليو، على الأقل فى وجدان الشعب بعد الهزيمة.

فى تلك الأجواء المترعة بالأحزان والإحباطات لعب الفن دوره المؤثر فى ترميم الجهاز النفسى المعطوب للملايين، من خلال إنتاج عدة أفلام تفضح الظلم الشديد فى أزمنة الملك والسلطان والخديو، كان من أشهرها (الزوجة الثانية/ عرض فى 14 أكتوبر 1967)، و(يوميات نائب فى الأرياف/ عرض فى 24 فبراير 1969)، و(الأرض/ عرض فى 26 يناير 1970)، و(غروب وشروق/ عرض فى 16 مارس 1970) وغيرها.

كل هذه الأفلام تدين بشدة العهود التى كانت قبل ثورة يوليو ومظالم حكامها، لعل الناس تتخفف من ذلك الحنين المضلل للماضى. وفى مناخ ملبد بالحزن والأمل والرغبة فى تجاوز ما جرى فى يونيو، وبالتحديد فى 18 يناير 1969، أى بعد سنة ونصف تقريبًا من الهزيمة، بدأت الليلة الأولى لعرض مسرحية (سيدتى الجميلة) التى اقتبسها سمير خفاجى عن رائعة برنارد شو (بيجماليون) وأخرجها حسن عبدالسلام.

فى هذه المسرحية تصل السخرية من عهد ما قبل يوليو إلى مستوى غير مسبوق، فانطلق الاستهزاء بالخديو وزمنه وعصره بصورة كاريكاتورية تستدر عشرات الضحكات. تذكر معى الفصل الأول، حيث الحارة البائسة المشبوهة التى يقطنها حسب الله بعضشى (جمال إسماعيل) وابنته صدفة (شويكار)، وكيف سرقت الابنة ساعة الرجل الاستقراطى كمال بك (فؤاد المهندس) الذى جاء ليختبئ فى هذه الحارة من بطش الخديو (نظيم شعراوي)، وفى الفصل الثانى يسرع المهندس فى تلقين شويكار قواعد التعامل مع سكان القصور لأنه ينوى خداع (أفندينا) وتقديمها له بوصفها زوجته. فى هذا الفصل تتناثر العبارات الضاحكة التى تسخر من تفاهة الطبقة الحاكمة وجبروتها. ثم نصل إلى الفصل الثالث، حيث يتواصل فضح فساد هذه الطبقة واستغراقها فى الملذات، ثم يظهر رأس تلك الطبقة (الخديو نفسه دلّوعة الباب العالي)، ليغرق الجمهور فى الضحك على هوسه بـ (صدفة) التى منحها لقب (باشا) فى لحظة شبق كوميدية فارقة.

هنا ينطرح سؤال: هل تم إنتاج (سيدتى الجميلة)، وغيرها، بأوامر عليا أم بتوجهيات وإرشادات وتشجيع رسمى، أم بدافع وطنى من قبل الفنانين أنفسهم؟

على أية حال، أيًا كانت الأسباب وراء إنتاج هذه المسرحية، فإن ما يبقى هو الفن الجميل متقن الصنع، وهو ما حققه فؤاد المهندس وشويكار بامتياز.