عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تباع على الأرصفة وأمام محطات المترو:

أطعمة الشوارع.. الموت فى ساندوتش

الطعام المسموم ف
الطعام المسموم ف الشوارع

مواطنون: ارتفاع الأسعار دفعنا لتناول الطعام المسموم.. وخبراء: تؤدى إلى الفشل الكلوى والكبدى والسرطان

 

مع حلول فصل الصيف تتفاقم مشكلة المأكولات الفاسدة التى تنتشر فى الشوارع، حيث تحاصرنا الأمراض فى «لقمة العيش» ليروح ضحيتها أناس أجبرتهم ظروف الحياة على اللجوء لـ«أكل الشوارع»، سواء بسبب ابتعادهم عن منازلهم، أو بسبب ارتفاع الأسعار الذى طال كل شيئ والذى كان سببا فى لجوء المواطنين للأرخص حتى لو كان سلعاً غير مجهولة المصدر وبعضها فاسدا.

منتجات معلبة وغيرها فى أكياس بلاستيكية معلق عليها لافتات تؤكد أن أسعارها منخفضة أكثر من نفس تلك السلع التى تباع فى المحلات أغلى بكثير، لتصبح هذه السلع مصيدة المارة من معدومى الخبرة أو الفقراء الذين يسعون لشراء السلع الرخيصة دون وضع صحتهم فى الاعتبار. 

الطعام المسموم ف الشوارع

60% من عمليات تخزين المواد الغذائية غير مطابقة للمواصفات

 

مخالفات بالجملة رصدتها الوفد، فى جولتها الميدانية، وتحدثنا مع بعض المواطنين الذين أكدوا أنهم مجبرون على شراء مثل هذه المنتجات رخيصة الثمن.

مواطنون: مجبرون على تناول السموم 

لقمة العيش مُرة ومجبرون على تناول السموم.. جملة أجمع عليها عدد من المواطنين الذين أجبرتهم ظروف الحياة على التواجد بعيدًا عن أسرهم قرابة 18 ساعة يوميًا يعملون فى عدة أماكن صباحًا وليلاً حتى يستطيعوا أن يكفوا احتياجاتهم الأسرية. 

أحمد حمدى، شاب ثلاثينى يبدأ يومه من الثامنة صباحًا وحتى الواحدة بعد منتصف الليل، لذلك يتناول وجبة الإفطار فى منزلة لكن باقى الوجبات تكون فى الشارع، وأضاف أنه يسكن بعيد عن محل عمليه ولا يستطيع العودة لمنزله ثم الرجوع إلى عمله مرة أخرى.

واستكمل الشاب حديثه قائلاً: إنه مثل غيره من الشباب يتناول وجبات الشوارع السريعة ويشترى السلع الغذائية التى تباع على الأرصفة حتى لا ينفق كل دخله على شراء الطعام من محال مضمونة وتابع: «الواحد ممكن يموت بس يخلى قرش لعياله». 

الأمر لا يختلف كثيرًا عن إسماعيل كامل، فرد أمن والذى قال إن أكل الشوارع زادت أسعاره أضعاف ما كان عليه فى الماضى، ومع ذلك نضطر إلى شراء السلع التى تباع على الأرصفة وتابع قائلاً: «لما أحب آكل حاجة مضمونة هلاقى مرتبى طار فى يومين». 

الطعام المسموم ف الشوارع

200 مليون جنيه خسائر الاقتصاد المصرى بسبب مصانع بئر السلم

 

هو أنا بشتغل علشان أكل بيهم.. يستكمل الشاب حديثه، مضيفاً أن تناول وجبة خارج المنزل أصبح الآن للضرورة القصوى حتى نستطيع استئناف العمل، خاصة أن أسعار الساندوتشات ارتفعت و«شقة الفول» تباع بـ6 جنيهات، وتابع: لو حبيت أكل وأشبع مش هيكفينى 20 جنيه فى الوجبة الواحدة وراتبى لن يكفينى الطعام وحدى فكيف أنفق على أسرتى؟. 

عيسى صبرى، كاشير فى مول تجارى يعمل من الساعة العاشرة صباحًا وحتى العاشرة مساءً، قال إنه لا يتناول سوى وجبة واحدة فى الشارع وتعد بمثابة غداء وعشاء له، وتابع: لما أكل وجبة واحدة فقط تشبع ومصروف عليها وآمنة صحيا أحسن ما آكل 3 مرات من أكل رخيص ومسمم.

واستكمل: فيه أيام مش باكل بره البيت خالص أولاً خايف على صحتى وعلى فلوسى برضو علشان اقدر اوفر من مرتبى. 

خسائر بالجملة والخسائر الناجمة عن أكل الشوارع ليست مقصورة على المواطنين فقط إنما تمتد أيضا إلى الاقتصاد المصرى حيث تؤكد دراسة لمركز الدراسات والبحوث الاقتصادية، أن عدد مصانع المواد الغذائية العشوائية تضاعف عن أعداد المصانع المسجلة، التى يبلغ عددها 500 مصنع فقط، وتنتج هذه المصانع غير المرخصة نحو 80٪ من الأغذية المطروحة فى الأسواق، فى حين تنتج المصانع المرخصة 20٪ فقط، وأن 60% من عمليات تخزين المواد الغذائية غير مطابقة للمواصفات، وتتسبب فى خسائر للاقتصاد المصرى بلغت 200 مليون جنيه سنوياً، ولو أضفنا تكلفة العلاج فمعنى هذا أن مصر تخسر يوميًا أكثر من 14 مليون جنيه بسبب الاقتصاد السرى.

فشل كلوى 

وحذر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، من مخاطر تناول الوجبات السريعة والأطعمة مجهولة المصدر التى تنتشر فى الشوارع، حيث تؤدى إلى الإصابة بأمراض الفشل الكلوى والكبدى والسرطان أيضاً.

وفى سياق ما سبق قالت الدكتورة انتصار سعد، مدرس الكيمياء الحيوية والتغذية بكلية البنات جامعة عين شمس، إن هناك الكثير من الأغذية التى تباع على الأرصفة وتمثل خطورة شديدة على الصحة، خاصة تلك التى تحتوى على ألوان صناعية والتى قد تؤدى الى أمراض خطيرة تتراوح بين الاسهال والفشل الكلوى والتهاب الكبد الوبائى والسرطانات.

وأضافت الدكتورة انتصار أن هذه الأطعمة تحتوى على مواد حافظة ومكسبات طعم وارتفاع نسبة الأملاح بها وارتفاع محتواها من السعرات الحرارية وانخفاض نسبة البروتين والمعادن والفيتامينات، وتتمثل تلك الأغذية فى كل ما يوجد داخل كيس أو معلبات وكذلك الأغذية المكشوفة والوجبات الجاهزة والتى تسمى الفاست فودز، لذا ينصح بعدم تناولها لما لها من تأثير سيئ على صحة المواطنين.

المؤبد عقوبة المتلاعبين بصحة المواطنين

وتابعت: أما بالنسبة لمن يقض معظم وقته خارج المنزل فيمكنه تناول الطعام المعروف كالفول أو الطعمية أو السمك أو الدجاج، والابتعاد عن الملونات الصناعية واللحوم المصنعة وخاصة الأطفال الذين يقومون بشراء هذه الأطعمة من أمام المدارس.

ونصحت الدكتورة انتصار بألا يكون تناول الطعام من الشارع عادة وعلى من يقضون معظم أوقاتهم فى الخارج أن يتناولوا وجبة الإفطار بالمنزل قبل الخروج للعمل، واصطحاب بعض الساندوتشات أو الفاكهة والخضراوات أو الزبادى لتناولها والإقلال بقدر الإمكان من تناول الوجبات خارج المنزل قدر المستطاع.

تأثير سلبى 

من الناحية الاقتصادية قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى، إن تفشى الباعة المتجولين والمنتجات على الأرصفة ظاهرة لها تأثير سلبى على أداء الاقتصاد المصرى، خاصة على المنتجات والسلع المحلية التى تنتجها المصانع المرخصة، فإقبال الناس على هذه السلع بسبب رخصها يؤدى إلى حالة من عدم الثقة فى المنتج المحلى وفقدان قيمته مما يؤدى إلى خسائر فادحه 

وأضاف الخبير الاقتصادى أن انتشار تلك المنتجات فى كل مكان وبيعها على الأرصفة جعلها فى متناول يد الجميع، ما يؤثر على فرص التسويق الجيد للمنتجات الجيدة، ومع استمرار تداعيات أزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستراتيجية والذى تسبب فى رفع أسعار السلع الجيدة فى المطاعم والتاجر الكبرى، زاد الإقبال على شراء مثل هذه السلع السيئة رخيصة الثمن، وهو ما سينعكس على المنتجات الأخرى مؤدياً إلى زيادة حالة الركود فى الأسواق، وهو ما ينعكس بدوره على العديد من المؤشرات الاقتصادية وفقدان العديد من الوظائف خاصة فى المطاعم الجيدة بسبب عزوف المواطنين عنها مما تزيد من ارتفاع معدلات البطالة والفقر.

وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن بائعى هذه السلع يستغلون الأرصفة ما يؤثر على المارة والمنظر الحضارى للدولة، موضحاً أنها لم تكن بهذا الانتشار من قبل والسبب فى زيادتها خلال هذه الفترة يعود إلى انعدام فرص العمل ما جعل الشباب يتوجهون للعمل فى بيع هذه السلع التى تحقق دخلا له يمكن من خلاله توفير عائد مادى يغطى مصاريفهم اليومية مما يزيد من ظاهرة العمالة غير المنتظمة والتى لا تمتلك الاستقرار الوظيفى الأمن، ووجه خضر نصيحة للمواطنين قبل شراء الطعام من أى مكان فلابد من التأكد من نقاط ثلاث، النظافة والطهى والتبريد، ويتمثل عامل الطهى فى درجة النضج، لاسيما فى اللحوم والدجاج والأطعمة المصنعة للتأكد من سلامة الغذاء والطعام بشكل سليم.

واستكمل: من الممكن تحويل تلك الظاهرة الضارة بالمجتمع إلى فرص استثمارية واعدة من خلال تحديد أماكن مجهزة بشكل كامل تضم جميع الخدمات السليمة ولديها كافة الاشتراطات الصحية السليمة للحفاظ على صحة الإنسان وفرض رقابة صحية حقيقية على تلك الأماكن لتقديم وجبات صحية ونظيفة، مع تقديم العديد من المنح التشجيعية لجذب مزيد من العمالة لتلك الأماكن.

كما وجه الخبير الاقتصادى بضرورة توفير فرص العمل الآمنة والمستقرة للشباب، والتى تضمن لهم التأمين الصحى والاجتماعى والتى تدر عوائد على أداء الاقتصاد المصرى، وضم مثل هذه المشروعات إلى الاقتصاد الرسمى، بالإضافة إلى الحفاظ على المنظر الحضارى العام وصحة المواطنين بسبب تناول الأطعمة والمشروبات السليمة

العقوبة غير رادعة

من الناحية القانونية قال زكريا عبدالمطلب، المحامى بالنقض والخبير القانونى، إن الغش التجارى أصبح متفشياً بكثرة خاصة خلال السنوات الماضية ولا نستثنى أى سلعة من الغش التجارى بداية من الأغذية التى تباع على الأرصفة سواء منتهية الصلاحية أو فاسدة بفعل عوامل البيئة أوغيرها، وحتى الأدوية والأجهزة الكهربائية. 

وأضاف الخبير القانونى أن هناك العديد من المنتجات لا تصلح للاستخدام الآدمى وتباع على مرأى ومسمع من الجميع وغيرها من المنتجات ارتفعت أسعارها وقلت أحجامها، وهذه جميعاً تندرج تحت طائلة الغش التجارى والعقوبة تصل إلى السجن المؤبد إذا نتج عن تناول المستهلك لها وفاه أكثر من شخص، أما إذا كانت غير مطابقة للمواصفات الصحية فإن الجانى يقع تحت قانون مكافحة الغش التجارى رقم 281 لسنة 1994 الذى ينص على الحبس لمدة لا تقل عن سنة وتصل إلى المؤبد إذا كانت الأدوية مشغوشة أو مجهولة المصدر.

وأشار الخبير القانونى إلى أن فى حال ثبوت أن السلعة مستوردة ودخلت البلاد مهربة فان التجريم يضاف إليه عقوبة المادة 121 من قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنه ١٩٦٣، والتى تنص على أنه «يعتبر تهريبا ادخال البضائع من أى نوع الى الدولة أو اخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون آداء الضرائب الجمركية». 

الطعام المسموم ف الشوارع

وأوضح عبدالمطلب أن الغش التجارى يشمل أيضا التقليل من وزن السلعة فأى سلعة يجب أن يدون عليها وزنها الفعلى، وإذا كان الوزن المكتوب عليها مخالف للوزن الفعلى فتعد هذه جريمة وفقا لقانون الغش والتدليس الذى يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيها أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.

ونوه الخبير القانونى إلى أن جهاز حماية المستهلك عليه دور هام فى حماية المستهلك من هذا التدليس الواضح والتلاعب بأوزان السلع، مشيرا إلى أنه رغم وجود الحجج التى تطلقها الشركات أن اسمها التجارى هو سبب ارتفاع سعر السلعة، ووجود بيانات بالوزن دون ان يكون لهذا المنتج تسعيره إجبارية يسمح بتلك اللعبة المحرمة على المستهلك، والأمر يحتاج إلى تعديل تشريعى بوجود نص صريح يعاقب على تلك الأعمال التى تضر بالمستهلك.

وناشد الخبير القانونى مجلس النواب للتصدى لتلك الممارسات والزام الشركات بوزن محدد للسلعة وكتابة السعر الملائم لها.

وتابع: قد يكون الإعلان عن تلك السلع المسمومة عن طريق الإنترنت فيكون المعلن مخالف لقانون مكافحة الجرائم المعلوماتية رقم 175 لسنة 2018، وإذا كانت تلك السلع تمثل أدوية والإعلان عنها من خلال اشخاص غير مؤهلين لبيع الأدوية فانهم يخضعون للتجريم بموجب قانون الصيدلة والعقوبات تتراوح ما بين الحبس والغرامة. 

ونوه الخبير القانونى إلى أن جهاز حماية المستهلك حينما يتلقى بلاغاً من هذا النوع يقوم بإجراءات لصون حق المستهلك ومعاقبة الشركات التى تخالف معايير الجودة بعقوبات قد تصل إلى 10 ملايين جنيه.