رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين السطور

هناك العديد من القصص عن كفاح الأم التى دوماً تمنح وتعطى دون أى مقابل مادى أو معنوى وتتمنى أن يكبر أولادها وأن يصبحوا أفضل منها، وتعمل على أن تأتى لهم بكل خيرات الدنيا وسعادتها لأبنائها، وفى زاويتى هذه قصة صعبة جداً لهذه الأم المكلومة التى عندما رأيتها على الشاشة التليفزيونية أخذت أحملق فى وجهها وأخذت أتذكر أين رأيتها حتى عادت بى الذاكرة كهدهد سليمان عندما سمعتها تذكر فى البرنامج أنها كانت تعمل وتكدح من أجل أبنائها بعد أن تركها الزوج وتزوج بأخرى وألقى على عاتقها مسئولية أبنائهما وعندما نظرت لها أيقنت أن هذه السيدة هى الأم التى سبق لى أن قمت بتغطية الحادث الذى وقع بمسكنها ورغم الشقاء والحادث آنذاك لكنها كانت بها مسحة من الجمال والنضارة، أما عندما رأيتها مؤخراً وجدت أن الزمن قد ترك بصماته على وجهها وحفرت دموع الحزن أخاديد فى وجهها الذى امتلأ بأحافير وتجاعيد تدل على كم المآسى التى واجهتها والحمل الثقيل الذى جعلها تواجه الحياة وحدها لتصارع أمواج الحياة العاتية والتى اقتلعت منها كل أبنائها عدا واحداً فقط وسقطوا أمامها الواحد تلو الآخر، إذن فما القصة فى تسعينيات القرن الماضى كانت الأم تستعد للخروج وتوزع الشغل المنزلى على أبنائها عدا الكبير الذى سافر لإحدى المحافظات ليبحث عن عمل فى الإجازة الصيفية وتركت الأم المنزل للذهاب لعملها البسيط الذى يبعد أمتار قليلة عن منزلها وقامت البنت الكبرى البالغة من العمر 12 عاماً بفتح أنبوبة غاز صغيرة وأوقدتها لتحضير الطعام وما أن انتهت من ذلك حتى صعد إليهم جارهم الذى أخبرهم برائحة غاز شديدة وأخذ ينذرهم حتى فوجئ الجميع باندلاع النيران من أسفل لأعلى، وتبين أن الجار لم يطفئ موقده هو الآخر ليمسك اللهب بزوجته وسيدتين من أقارب السكان وأمسك بالأطفال الـ4 الأشقاء وهرع أكبرهم والنيران ممسكة به إلى أمه فى عملها ليخبرها بما حدث حتى سقط أمامها ليطفئه المارة وتم نقل المصابين جميعاً للمستشفى وظلت الأم فى المستشفى حتى مات أطفالها أمامها الواحد تلو الآخر وحملوا جميعاً فى نعوشهم الأربعة لدفنهم وأجسادهم كانت تبوح بالمأساة التى حدثت لهم من جراء الحادث وعندما انصرف المشيعين تركوا الأم بناء على رغبتها لمدة ساعة على أمل أن تعود لمنزلها لكنها أخذتها سنة من النوم بكسر السين لترى أطفالها وقد أحاطوا بها ليقدموا لها الطعام والشراب لتستيقظ وكأنها تناولت وليمة دسمة وطيبة المذاق وكانت الأم سعيدة بهم وأقسمت أن تعيش بجوارهم بالمدفن طول الحياة حتى يحين اللقاء بداخل القبر، وعندما تستيقظ تقوم بتقبيل شواهد المدفن وتفعل ذلك أيضاً قبل النوم، وظلت على هذا الحال سنوات عديدة وأتخذت من جوار مقابرهم مسكناً تراهم بقلبها وتشعر أنهم معها يفرحوا ويلعبوا فى كل تحركاتها البسيطة بجوار مدفنهم وفى كل الأوقات وتتحدث معهم يومياً من خلال اقترابها من جدران القبر هكذا هو حالها يومياً، كان الله فى عونها وربط على قلبها، ورحم الله أبناءها وجميع الأموات.