رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الاستثمار.. «عصا سحرية» للخروج من الأزمة الاقتصادية

الاستثمار
الاستثمار

تواجه مصر حاليا ضغوطا اقتصادية هائلة أدت إلى معاناة كبيرة فى الشارع المصرى، متمثلة فى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل مستمر ومتزايد.

كان الاقتصاد المصرى يسير فى اتجاه صحيح خلال سنوات ما قبل انتشار جائحة كورونا عام 2020 واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فى 2022، إلا أن هذه الأحداث أثرت بشكل كبير على أداء الاقتصاد، وأضافت أعباء ثقيلة على الدولة أهمها ارتفاع حجم الديون الخارجية فى ظل نقص إيرادات العملات الأجنبية، وهو ما أدى إلى ما نشهده حاليا من صعوبة فى توفير العملات الأجنبية للقطاعات الاقتصادية المختلفة وخاصة القطاع الصناعى، وارتفاع أسعار الدولار أمام الجنيه حتى تجاوز 30 جنيها مقارنة بـ16 جنيها قبل جائحة كورونا. 

وتزامنت صعوبة توفير الدولار للمصانع مع ارتفاع الأسعار عالميا وهو ما نتج عنه عدم توافر مستلزمات الإنتاج، وبالتالى انخفاض المعروض فى الأسواق وارتفاع الأسعار محليا مع تراجع التصدير خارجيا ونقص الموارد الدولارية، ولذلك تسعى الدولة إلى حل هذه المشكلات وزيادة الاهتمام بالاستثمار وتهيئة مناخ جيد له، حتى تعود الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مستوياتها المعهودة من جديد، مع الحفاظ على الاستثمارات المحلية. 

وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا قرارا بتشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسته وعضوية مجموعة كبيرة من الوزراء والمسئولين ذات الصلة المباشرة بالاستثمار، وفى هذا الملف نرصد أهمية تشكيل المجلس فى هذا التوقيت، ومعرفة أهم المشكلات التى يواجهها المستثمرون فى مصر، والمقترحات الخاصة بحلها. 

الملف التالى يناقش أبرز طرق تعزيز الاستثمار، والمعوقات التى تواجه المستثمرين فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تواجه الاقتصاد العالمى، وتضع دول العالم ومن بينها مصر، أمام تحديات حقيقية.

«الشباك الواحد» و«الرخصة الذهبية».. أبرز مطالب المستثمرين

 

طالب عدد من المستثمرين والمصنعين الدولة بضرورة اتخاذ عدد من القرارات والإجراءات لحل المشكلات التى تواجههم، والتى يؤدى القضاء عليها إلى زيادة الاستثمارات والإنتاج ومن ثم التصدير وزيادرة موارد الدولة من العملة الصعبة.

وأكدوا على أن مصر تمتلك مقومات جيدة تستطيع من خلالها المنافسة عالميا، لكن المشكلات الإدارية والبيروقراطية فضلا عن نقص العملة الصعبة التي تعيق هذا الأمر. 

مصانع البناء المصري 

 

فى هذا السياق، قال محمد البهى، عضو المكتب التنفيذى لاتحاد الصناعات ورئيس لجنة الضرائب والجمارك، بأن تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية يعتبر ضمانة قوية بأن قراراته ستكون نافذة، وإن لم تكن ملزمة قانونا فهى ملزمة أدبيًا لكل الجهات. 

وأضاف «البهى» أن الحكومة المصرية يجب أن تعمل كوحدة واحدة ولا تعمل كل جهة منفصلة عن الأخرى، مشيرا إلى أن مشكلات الاستثمار فى مصر معروفة، ولكن أهم مشكلة تواجه المستثمرين والمصنعين حاليا هى ندرة المعروض من العملة الصعبة وتدبيرها لتوفير مستلزمات الإنتاج خاصة فى القطاع الصناعى والتجارى. 

وطالب عضو المكتب التنفيذى لاتحاد الصناعات بحل مشكلات السياسات النقدية، موضحًا أنه طالما هناك شح فى الدولار الوارد إلى مصر فلابد على الجهات الحكومية والبنوك أن تقبل الدولار أيا كان مصدره، حتى لا تحدث مشكلات فى دورة الإنتاج بالمصانع مثلما حدث العام الماضى بعد قرار البنك المركزى الخاص بالاعتمادات المستندية الذى تسبب فى تأثر عجلة الإنتاج فى قطاعات مختلفة وارتفاع أسعار المنتجات فى الأسواق.

وأضاف: «كما أن هذا القرار أدى إلى عدم ثقة الموردين الأجانب فى الاقتصاد المصرى، لأن المورد أصبح لا يحصل على قيمة وارداته إلى مصر، وبالتالى بدأ يتجه إلى أسواق أخرى بديلة، ما يعنى خسارة سلاسل الإمداد الخارجية، وهذا أدى بالتبعية إلى تعطيل الإنتاج وانخفاض الصادرات، لأن كل مصنع كانت لديه عقود تصديرية معينة أصبح لا يستطيع الوفاء بها، وبالتالى خسر السوق التصديرية، فضلا عن زيادة أسعار المنتجات محليا بسبب قلة المعروض.

ولفت إلى أن فكرة الاهتمام بوجود احتياطى نقدى أجنبى لدى الدولة لمجرد الاحتفاظ به فقط ليست صحيحة، وإنما يجب تدوير واستخدام هذه الحصيلة الدولارية فى تمويل القطاعات الإنتاجية المختلفة وخاصة التصديرية منها التى تدر عائدا دولاريا أكبر. 

وأوضح «البهى»، أن من ضمن المشكلات التى تواجه المستثمرين أيضاً غرامات التأخير على الحاويات فى الموانئ ورسوم الأرضيات وغيرها، مع استمرار وجود بضائع فى الموانئ اقتربت من نهاية صلاحيتها. 

وأكد على أن الحكومة متضررة أكثر من المستثمرين فى حالة استمرار انخفاض الإنتاج فى القطاعات المختلفة، لأن ذلك معناه نقص أهم مورد لموازنة الدولة وهو الضرائب، لأن توقف الإنتاج يعنى انخفاض الضرائب، ولذلك فإن كل دولار يتم توفيره للقطاع التصديرى يعود إلى الدولة 3 و4 دولارات كقيمة مضافة. 

وزارة الاستثمار و التعاون الدولي 

وأوضح أنه حتى الآن لم يتم تفعيل منظومة الشباك الواحد أو الرخصة الذهبية، ولذلك نطالب بإعطاء الرخصة الذهبية لكل المشروعات وليس مشروعات محددة، بما فيها المشروعات الصغيرة حتى نجذبها إلى القطاع الرسمى بدلا من العمل فى القطاع غير الرسمى وضياع أموال الضرائب والرسوم على الدولة. 

وطالب «البهى» كذلك بتقليل عدد جهات الرقابة على المصانع وتقليل زمن إصدار التراخيص، لأن العالم كله يتحدث الآن عن قيمة الوقت، ولا يصح أن يكون إصدار التراخيص فى الدول الأخرى يستغرق ساعات، وهنا فى مصر يستغرق 6 إلى 7 أشهر على الأقل، فضلا عن ضرورة توضيح قيمة الرسوم بشكل كامل قبل الشروع فى إصدار التراخيص، حتى لا يفاجأ المستثمر برسوم إضافية مبالغ فيها فى كل جهة يذهب إليها، لأن ذلك يؤثر على دراسات الجدوى الخاصة بالمشروع، ما يؤدى فى النهاية إلى الإحجام عن الاستثمار فى مصر.

وأضاف: «نحتاج أيضاً إلى توفير الأراضى الصناعية بأسعار رمزية سواء بنظام حق الانتفاع أو 99 سنة، لأن بناء المصنع يعنى زيادة الإنتاج والتصدير وتوفير فرص عمل للمواطنين مع دفع الضرائب للدولة». 

من جانبه أكد المهندس أسامة حفيلة، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين ضرورة حل مشكلات مستثمرى القطاع الصناعى من كل الجوانب، مشيرا إلى أن المستثمرين المحليين يعانون من بعض المشكلات التى يجب على الحكومة العمل على حلها، كما يقع على عاتقهم أعباء ثقيلة تؤثر فى النهاية على منافسة المنتجات الوطنية لنظيرتها المستوردة، من أبرزها فرض مجموعة من الرسوم دون داعى لمجرد استخراج وإصدار بعض الأوراق، فضلا عن أعباء الضريبة العقارية، والإجبار على الاشتراك فى إحدى الغرف التابعة لاتحاد الصناعات من أجل ممارسة النشاط. 

وأوضح نائب رئيس اتحاد المستثمرين، أن هذه كلها رسوم وأعباء على المصانع المصرية تنعكس فى النهاية على أسعار المنتج المحلى فى السوق وتحرمه من المنافسة مع المستورد، مطالبا بضرورة منع استيراد المنتجات رديئة الجودة التى تقل فى أسعارها عن المنتجات المحلية وإغراق الأسواق بها. 

وأكد أن مصر لديها قطاع صناعى يستطيع إنتاج معظم السلع التى يتم استيرادها من الخارج، وبجودة عالية لا تقل عن المستوردة فى شىء، وحل هذه المشكلات يساعد المستثمرين والاقتصاد الوطنى كثيرا على المدى القريب والبعيد.

محاربة «ظاهرة السماسرة».. أهم من تشريع القوانين 

 

عملية الاستثمار فى مصر يحكمها عدد من القوانين التى تنظم العمل وتسهم فى تهيئة المناخ المناسب للاستثمار، لكن كثرة هذه القوانين وتضاربها وتشابكها فى بعض الأحيان يعد إحدى المشكلات التى تواجه المستثمرين فى مصر، فضلا عن صعوبة إجراءات إصدار التراخيص وتعدد جهات الولاية والرقابة. 

ومنذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادى فى عام 2016 تسعى مصر إلى تهيئة مناخ الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الاستثمارات المحلية، ولذلك اتخذت عددا من القرارات المتعلقة بالبيئة التشريعية وأصدرت فى 2017 قانون الاستثمار الجديد الذى تضمن حوافز متعددة وضمانات تحمى من القرارات التعسفية.

ظاهرة السماسرة

وأجرت الدولة تعديلات على قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، لتعزيز حوكمة الشركات والإفصاحات المرتبطة بها، وتحسين مركز مصر فى التقارير الدولية ذات الارتباط بمناخ الاستثمار، مثل تقرير التنافسية العالمى الذى يصدر عن المنتدى الاقتصادى العالمى.

كما أقرت قانون إعادة الهيكلة والصلح الواقى من الإفلاس خلال عام 2018 لتأمين وسائل خروج آمنة من السوق فى حالة التعثر، مع إنقاذ الشركات المتعثرة دون خروجها من الأسواق، وتجنيب المستثمرين المتعثرين عقوبة الحبس، فضلا عن إصدار قانون منح تراخيص المنشآت الصناعية عام 2017. 

ويعول الكثيرون على المجلس الأعلى للاستثمار من أجل تنفيذ هذه القوانين والمزايا الخاصة بها، حيث يقول الخبير الاقتصادى، وائل النحاس، إننا ننادى دائما منذ بداية الأزمة الاقتصادية بضرورة انعقاد المجلس الأعلى للاستثمار بصفة دائمة، لأنه لا يوجد لدينا وقت لكى ننتظر اجتماع وزير بوزير أو رئيس هيئة بمستثمرين ورجال أعمال، وإنما نحتاج إلى أن تكون الموافقة على القرارات الاستثمارية فورية بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية العالمية وتأثيرها السريع على الاقتصاد المصرى. 

وأضاف «النحاس»، أن القوانين الخاصة بالاستثمار فى مصر ليست سيئة بالمعنى الشامل، لكن بها مجموعة من التشابكات التى يجب العمل على حلها والتخلص منها نهائيًا، مشيرًا إلى أن المشكلة الأبرز فيها أنها لا تنفذ على أرض الواقع، وخاصة مسألة تسهيل الإجراءات والزيادة المبالغ فيها فى الرسوم التى تؤدى فى النهاية إلى تصفية الشركات لأعمالها وخروجها من مصر. 

وأوضح الخبير الاقتصادى، أن القوانين تضع على المستثمرين أعباء كثيرة بين الحين والآخر، وهناك إجراءات يتم اتخاذها بشكل مفاجئ ومتغير، مثل إجبار الشركات على الانضمام إلى منظومة الفاتورة الإلكترونية ومضاعفة الرسوم المطلوبة بشكل مستمر، وهذا الأمر لا يشجع على الاستثمار، كما أن الدولة تترك المستثمرين والمصنعين الحقيقيين فى معاناتهم اليومية مع البحث عن المواد الخام اللازمة للتصنيع والذهاب للمصالح الحكومية لتخليص الإجراءات المتعددة، بينما تدعم مستثمرين آخرين يقومون بإنهاء مصالحهم بالتليفون، قائلاً، «عندنا نوعان من رجال الأعمال فى مصر، نوع مطحون ونوع بيخلص شغله بالتليفون». 

الخبير الاقتصادى

وأشار النحاس، إلى أننا لا يوجد لدينا حتى الآن تنفيذ فعلى لمنظومة الشباك الواحد أو الرخصة الذهبية ولازال الفساد والبيرقراطية هى المتحكمة فى إنهاء تراخيص الاستثمار، فضلا عن مشكلة الموافقات الأمنية والموافقات من الجهات المختلفة التى تعتبر من العراقيل الكبيرة أمام المستثمرين، موضحا أنه فى الوقت الذى تنتهى فيه إجراءات تأسيس الشركات فى الدول الأخرى عن طريق الانترنت خلال ساعات، لازلنا فى مصر نتعامل بالنظام القديم البيروقراطى.

وأضاف: هذا الأمر أدى إلى ظهور ما نطلق عليهم سماسرة المستثمرين، وهم أشخاص يدعون أنهم على صلة بالمسئولين الكبار ويذهبون إلى المستثمر الأجنبى القادم إلى مصر ويقنعوه بأنهم يستطيعون إنهاء الأوراق الخاصة باستثماراته بأقصى سرعة، بدلا من الانتظار فى المصالح الحكومية بالشهور، وهؤلاء الأشخاص يسيئون إلى مصر أكثر من البيروقراطية والفساد. 

وأشار «النحاس»، إلى أنه بسبب صعوبة الإجراءات وعدم الوصول بسهولة إلى صانع القرار، فإن المستثمرين يلجأون إلى هؤلاء السماسرة للأسف، وقد تعرض بعضهم لعمليات نصب وأصبح لديهم صورة ذهنية سيئة عن مصر، ولذلك نقول دائمًا بأن هؤلاء السماسرة يسيئون للدولة أكثر من البيروقراطية نفسها. 

وأوضح أن مسألة تحويل المستثمرين لأرباحهم للخارج تعتبر مشكلة أيضاً تعيق الاستثمار، لأنه لا يصح أن يذهب مستثمر إلى أحد البنوك يطلب منه تحويل مبلغ ما إلى الخارج ومدير البنك يقوله له انتظر فترة من الزمن حتى لا يتعرض البنك إلى هزة. 

وشدد على حل مشكلة المستثمرين بشكل نهائى من خلال التعامل مباشرة مع مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية بدون وسطاء وبعيدًا عن موظفى هيئة الاستثمار والمصالح الحكومية الأخرى الذين يعتبرون أحد الأسباب الرئيسية فى تصدير صورة ذهنية سيئة لمصر عند المستثمرين. 

وأكد «النحاس» ضرورة حل مشكلات الضرائب والرسوم وأسعار الطاقة العالية والمختلفة من وقت لآخر والتى تواجه المستثمرين وتجعلهم مجبرين على تصفية أعمالهم والخروج من مصر، فضلا عن حل مشكلة تعدد جهات المراقبة على المصانع التى تعمل فى الاقتصاد الرسمى، فى الوقت الذى نترك فيه مصانع بير السلم تعمل بكل راحة دون رقابة، ما يؤدى إلى انتشار البضائع المغشوشة فى الأسواق وانهيار الاقتصاد الرسمى الذى يدفع ضرائب ورسوم للدولة. 

البيروقراطية والفساد والضرائب.. مطبات فى الطريق 

 

الخروج من الأزمة الاقتصادية الخالية لن يتم إلا من خلال البحث عن حلول دائمة وغير تقليدية لزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى، ويعد الاستثمار الأجنبى المباشر أحد أهم تلك الموارد، التى يمكن أن تكون مفتاحا لزيادة التدفقات النقدية إذا تم الاهتمام بها وتهيئة المناخ المناسب لها. 

ودائمًا ما يكون تشجيع الاستثمار أحد الأهداف الرئيسية لأى دولة تسعى إلى تقوية اقتصادها الوطنى، لأن زيادة الاستثمارات تعنى تدفق المزيد من العملات الصعبة وإقامة المصانع وتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة وتحسين مستوى دخل الفرد، وانتعاش الاقتصاد فى النهاية.

الدائري في مصر 

و تسعى مصر إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشجيع الاستثمارات المحلية القائمة بتذليل العقبات والعوائق التى تواجهها، سواء من خلال إصدار قوانين وتشريعات جديدة تناسب الظروف والواقع، أو تقديم حوافز وتسهيلات استثمارية تساعد المستثمرين فى أعمالهم.

وأصدرت الحكومة قانون الاستثمار فى عام 2017 وأعقبه عدد من التشريعات الأخرى على مدار السنوات الماضية، وأعطى هذا القانون حوافز متعددة للمستثمرين، أبرزها الإعفاء من بعض الرسوم الجمركية والضرائب بالإضافة إلى منحهم خصومات، فضلًا عن منح حوافز خاصة للمشروعات التى تساهم فى زيادة الصادرات المصرية.

ورغم هذه الحوافز، إلا أن مجتمع الأعمال والمستثمرين، يطالب بالمزيد من التسهيلات وحل العوائق والمشكلات التى لا تزال تواجههم، خاصة إزالة التشابك بين الجهات المعنية بالاستثمار والرقابة على المصانع، وإنشاء منظومة متكاملة للتعامل مع المستثمرين بدلا من تشتيت الجهود فى الكثير من الجهات.

واتخذت الحكومة قرارات متعددة خلال الفترة الماضية بهدف تشجيع الاستثمار الأجنبى المباشر، من أهمها تشكيل مجموعة عمل لحل مشكلات المستثمرين والتنسيق بشأن المعوقات والشكاوى المختلفة، والتواصل مع المستثمرين الراغبين فى الحصول على الأراضى، للإقامة أو التوسع فى الأنشطة التى تستهدفها الحكومة خلال هذه المرحلة، ومؤخرًا تم تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية. 

لكن بنظرة سريعة إلى أرقام الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر خلال السنوات الماضية نجد أنها فى تناقص وفقًا لبيانات البنك المركزى، ففى العام المالى 2016/2017 بلغت 7.9 مليار دولار، وفى 2017/2018 وصلت إلى 7.7 مليار دولار، وفى 2018/2019 ارتفعت إلى 8.2 مليار دولار، ثم عادت للانخفاض مرة أخرى إلى 7.5 مليار دولار فى 2019/2020، و5.2 مليار دولار فى 2020/2021، إلا أنها ارتفعت خلال العام المالى الماضى 2021/2022 لتسجل 8.9 مليار دولار. 

الدكتور هانى توفيق

فى السياق، قال الدكتور هانى توفيق، الخبير الاقتصادى، أن تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار خطوة على الطريق الصحيح، لكن يجب أن تكتمل باجتماع رئيس الجمهورية بشكل دورى بمفرده مع المستثمرين فى القطاعات المختلفة، للتعرف على معوقات الاستثمار العديدة، ويصدر بعدها قرارات جمهورية لنسف هذه المعوقات وعلى رأسها تعدد جهات الولاية ومتطلباتها.

وأضاف «توفيق»، أن الاستثمار هو الحل، ومن الممكن أن يكون الاستثمار الأجنبى المباشر المصدر الرئيسى للعملات الأجنبية لمصر، خاصة فى ظل تفاقم حجم الديون الخارجية، وعجز الميزان التجارى المتزايد، وانخفاض معدل الإدخار المحلى والحاجة لزيادة الاستثمارات والحفاظ على التشغيل ومستوى المعيشة.

وأشار«توفيق»، إلى أنه لجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة لابد من تحديد هوية الدولة الاقتصادية بكل وضوح لا لبس فيه، وأن ننظر للآثار الاقتصادية طويلة الأجل وليس تحت أقدامنا، لافتا إلى أن المعوقين الرئيسيين للاستثمار هما البيروقراطية المصحوبة فى أوقات كثيرة بالفساد، ومنظومة الضرائب والرسوم ولذلك لابد من القضاء عليهما.

 وأوضح الخبير الاقتصادى، أننا نحتاج إلى توفير الأراضى الصناعية بأسعار مخفضة، أو حتى بالمجان، أو تخصيص ٩٩ سنة، بشرط جدية التنفيذ، فضلا عن الإسراع بتفعيل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مطالبا بعدم مزاحمة الدولة للمستثمرين وضمان حرية وعدالة المنافسة، وإيقاف الشراهة الفجائية فى جباية الضرائب، والضرب فى المربوط بقسوة، إضافة إلى تطبيق بعض الإعفاءات الضريبية الإضافية التى تتناسب طرديا مع حجم العمالة التى تضيفها هذه الاستثمارات لسوق العمل والحصول على طاقة للمصانع بأسعار تماثل على الأقل أسعار منافسيهم بالخارج.

ولفت «توفيق» إلى أننا نحتاج إلى عمالة فنية ماهرة تعليما وتدريبا، وزيادة التنسيق مع السياسة النقدية والحصول على تمويل بسعر فائدة أعلى من معدل التضخم بـ٢٪ وليس 10%، إضافة إلى خفض معدل استفزاز الجهات الإدارية الكثيرة التى تراقب المصانع والمستثمرين، وتشكل إحباط وتكلفة إضافية ووقت أطول لأدائهم لأعمالهم.

مصانع مصريه

وطالب بتثبيت القوانين والقرارات والرسوم التى تم اتخاذ القرار بالاستثمار فى مصر على أساسها، وإعادة استنساخ بورصة التسعينيات، وتقديم حوافز وإعفاءات ضريبية لقيد أسهم الشركات فى البورصة، وتحفيز التداول والمتداولين على هذه الأسهم بيعا وشراء بخفض رسوم ومصاريف وتكلفة هذا التداول، فضلا عن سرعة وكفاءة وشفافية نظام التقاضى والحصول على الحقوق خلال شهور وليس أعوام.

كما طالب بتعيين رئيس وزراء اقتصادى للمرحلة القادمة، ووجود مجالس أخرى لباقى القطاعات الاقتصادية، وعلى الوزراء تنفيذ الخطط التى تضعها هذه المجالس فقط مهما تغير الوزير.

المجلس الأعلى للاستثمار خطوة على الطريق 

 

تسعى مصر إلى الخروج من الأزمة الاقتصادية الصعبة التى تعانى منها، من خلال التفكير فى أكثر من طريقة واتجاه، وبالتأكيد أحد هذه الاتجاهات الهامة هو تشجيع الاستثمار المباشر سواء الأجنبى أو المحلى. 

ولا يخفى على أحد النقص الذى تعانى منه البلاد فى توافر العملة الصعبة خلال الفترة الحالية والارتفاعات المتتالية فى سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية أمام الجنيه المصرى، ولذلك كان يجب البحث عن حلول لزيادة موارد النقد الأجنبى لمصر، ومن أهمها الاستثمار الأجنبى المباشر الذى يعتبر الجزء الأكثر استدامة فى التمويل، والذى من الممكن التعويل عليه لفترات طويلة دون الحاجة إلى زيادة الاقتراض لسد الفجوة التمويلية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى. 

الاقتصاد المصرى

وتعنى التدفقات الاستثمارية المتواصلة استمرار دخول النقد الأجنبى إلى البلاد بشكل منتظم، وتحقيق عائد إيجابى لكل الأطراف، سواء للدولة أو المستثمر، ولذلك كان من المهم التركيز على زيادة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية من الخارج والمحلية فى الداخل، وتهيئة المناخ المناسب لها، لأن الاستثمارات الأجنبية معناها دخول مزيد من العملة الصعبة للبلاد، والاستثمارات المحلية معناها زيادة الإنتاج المحلى والتصدير، وبالتالى ارتفاع الموارد الدولارية أيضاً. 

وقرر الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤخرًا تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسته، وعضوية كل من محافظ البنك المركزى، رئيس مجلس الوزراء، وزراء الدفاع والإنتاج الحربى، العدل، التخطيط والتنمية الاقتصادية، التعاون الدولى، المالية، الداخلية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التنمية المحلية، قطاع الأعمال العام، التجارة والصناعة، الوزير المختص بشئون الاستثمار، رئيس جهاز المخابرات العامة، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية.

كما يتضمن تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار كلاً من رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والمدير التنفيذى لصندوق مصر السيادى للاستثمار والتنمية، ورئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس الاتحاد المصرى لجمعيات ومؤسسات المستثمرين.

ووفقًا للقرار الجمهورى، يجوز أن ينيب رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء فى رئاسة بعض جلسات المجلس، وللمجلس أن يدعو لحضور اجتماعاته من يرى دعوته من الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات والأجهزة ومن يرى الاستعانة بخبراته من ممثلى القطاع الخاص والخبراء فى المسائل المعروضة، دون أن يكون لهم صوت معدود.

وحدد قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 فى المادة رقم 68 اختصاصات المجلس فى اتخاذ كل ما يلزم لتهيئة مناخ أفضل للاستثمار والتوجيه بما يتطلبه ذلك، ووضع الإطار العام للإصلاح التشريعى والإدارى لبيئة الاستثمار، وإقرار السياسات والخطة الاستثمارية التى تحدد أولويات مشروعات الاستثمار المستهدفة بما يتفق مع السياسة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونظم الاستثمار المطبقة.

كما تتضمن اختصاصات المجلس متابعة تنفيذ أجهزة الدولة للخطط والبرامج المتعلقة بالاستثمار وتطور العمل بالمشروعات الاقتصادية الكبرى وموقف مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص، ومتابعة تحديث الخريطة الاستثمارية وتنفيذها على مستوى القطاعات المتخصصة والمناطق الجغرافية المختلفة فى إطار خطة التنمية الاقتصادية للدولة، واستعراض الفرص الاستثمارية المتاحة فى كل قطاع وبحث محاور المشكلات المتعلق بها، فضلا عن متابعة تطور تصنيف مصر وترتيبها فى التقارير والمؤشرات الدولية الخاصة بالاستثمار.

يضاف إلى ذلك متابعة آليات تسوية منازعات الاستثمار وموقف قضايا التحكيم الدولية، ودراسة ووضع حلول لمعوقات الاستثمار وإزالة عقبات تنفيذ أحكام هذا القانون، وتفعيل المسئولية التضامنية لجميع الوزارات والهيئات العامة والأجهزة الحكومية المختصة بالاستثمار وتحقيق التناغم فى أدائها، وحل الخلافات والتشابكات التى قد تثور بين أجهزة الدولة فى مجال الاستثمار.

الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب

فى السياق، قال الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادى ووكيل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية سابقا، أن تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار خطوة جيدة فى سبيل تشجيع الاستثمار فى مصر، موضحا أن تشكيل المجلس برئاسة رئيس الجمهورية وضم غالبية أعضاء الحكومة، إضافة إلى محافظ البنك المركزى، إلى جانب ممثلين لمجتمع المال والأعمال والاستثمار، قد يجعل حل المشكلات التى تواجه المستثمرين أسهل كثيرا، كما قد يساهم فى إعطاء دفعة قوية للتشريعات المطلوبة لتشجيع الاستثمار.

وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن المجلس قد يسهم بشكل فعال فى فض الاشتباكات بين أصحاب الولاية على الأراضى المتاحة للاستثمار، وهذه واحدة من أهم معوقات الاستثمار فى مصر، مشيرا إلى أن هناك حالة من التفاؤل بأن يتمكن المجلس الأعلى للاستثمار من تغيير مناخ الاستثمار وتذليل الإجراءات أمام المستثمرين، وإيجاد آلية فعالة للتعاون بين مجتمع الاستثمار، وبين الإدارات الحكومية المعنية بتشجيع الاستثمار.

كما أن الاجتماعات الدورية للمجلس والمقررة كل 3 أشهر قد تؤدى إلى نتائج ملموسة وسريعة فى تذليل العقبات، وسرعة الإنجاز وحل المشكلات، مشيرا إلى أن قدرة المجلس على نسف القوانين والتشريعات التى تعيق الاستثمار تتوقف على مدى تنفيذ القرارات التى ستصدر عنه.