رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منتشرة على صفحات السوشيال ميديا:

مواقع الزواج «فخ» للابتزاز الإلكترونى

مواقع الزواج
مواقع الزواج

«محمد» دفع 2000 جنيه لأحد المواقع.. وعندما رفض دفع المزيد أغلقت العروس هاتفها

 

انتشرت منذ سنوات وبشكل ملحوظ جدًا ظاهرة «بيزنس الزواج» عبر مواقع التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، تحت شعار «يا بخت من وفق راسين أون لاين»، ليجد الشباب والفتيات وحتى المتجاوزون لأعمار الـ40 والـ50 أنفسهم فى فخ العلاقات المشبوهة.

المواقع السوشيال

الخبراء وصفوا هذه الظاهرة بـ «البيوت المحرمة» التى تستغل الباحثين عن الزواج من الفتيات والمطلقات والأرامل وحتى الشباب والرجال للإيقاع بهم فى شباك الابتزاز المادى والجسدى، وأكد علماء الدين أن الفكرة تتجاوز حد مشروع «نصب» وتدخل فى إطار «العلاقات المحرمة» باستخدام وسائل التواصل الاجتماعى، إذ إن للزواج شروطاً وضوابط دينية لا يمكن الحياد عنها أو تجاوزها، بينما يرى خبراء علم النفس أنها تُهدد الأمن القومى بشكل كبير، لذلك فنحن ندق ناقوس الخطر قبل وقوع المزيد من الضحايا فى براثن هذا الفخ الإلكترونى.

خبراء: علاقات مشبوهة تُهدد الأمن القومى وتستنزف الشباب نفسياً وعاطفياً

قديمًا.. كانت مهنة «الخاطبة» منتشرة فى مصر، وكانت تبحث عن مواصفات دقيقة بين المعارف والعائلات، أما الآن فقد ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية صفحات تمتهن هذه المهنة بشكل يواكب التطور التكنولوجى الحديث، إلا أن هذه التطورات حملت معها الكثير من التهديدات التى باتت تثير حالة من الذعر والخوف داخل كل بيت.

وتبدأ فكرة الزواج «الأون لاين» من خلال هذه الصفحات بأن يقوم الشاب أو الفتاة بإرسال رسالة وملء استمارة البيانات المخصصة، وكتابة مواصفات شريك الحياة وينتظر الرد.

مواقع الزواج 

وجلبت هذه الفكرة أرباحًا كثيرة لأصحاب تلك المواقع والصفحات بسبب أعداد الزائرين والمشتركين والمهتمين بها، إلا أن الكثير منها شابته عمليات نصب وإيقاع بالفتيات والشباب أيضاً، حيث تبدأ عملية النصب بطلب الموقع لبعض المعلومات الخاصة لبيان الجدية مثل: صورة الرقم القومى، بحجة التأكد من هوية المتقدمين للزواج والمستوى الاجتماعى والمؤهل الدراسى والحالة الاجتماعية، بعدها يتم تدبير لقاءات وهمية للمتقدمين، سواء بالاتفاق مع أحد الراغبين فى الزواج وذلك بعد الحصول على مبلغ من المال متفق عليه، أو كوسيلة لتكوين قاعدة للبيانات لابتزاز الفتيات وإيقاعهن فى الفخ، وفى بعض الأحيان يتحول الأمر من تعارف للزواج إلى ممارسة أعمال منافية للآداب.

ويحكى محمد خالد، أحد ضحايا مواقع الزواج ويعمل بإحدى شركات الهندسة، أنه بدأ فى البحث عن عروس مناسبة من خلال هذه المواقع، على الرغم من عدم تقبل الأهل والأقارب لفكرة الزواج عبر الإنترنت، والاعتقاد المسبق أن فتيات الإنترنت سيئات، إلا أنه قرر خوض التجربة، واشترك بالفعل فى إحدى صفحات الزواج الأون لاين، لكنه لم يتخيل أنها ستتحول إلى عملية نصب.

وأضاف خالد أنه بعد مرور شهرين فقط من التواصل مع العروسة، اتصل به أحد المسئولين فى الموقع وطلب منه مبلغاً مالياً يقدر 2000 جنيه لاستكمال مشروع الزواج. 

مواقع الزواج 

يقول محمد: وافقت لأن العروس أعجبتنى، وبعد أسبوعين من إرسال المبلغ المطلوب عن طريق «فودافون كاش» تكرر طلب المال مرة أخرى، وبرر المسئولون عن الموقع ذلك بأنه استكمال لمصاريف التعارف.

وتابع: «قالوا لى يا إما تدفع باقى المبلغ يا إما هنبلغ العروسة أن مفيش نصيب»، ولما رفضت أدفع وحاولت التواصل مع العروس مباشرة وجدت تليفونها مغلق فعرفت أنها عملية نصب.

حالة محمد لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فهناك فتيات تعرضن لما هو أكثر من ذلك حيث وجدن أنفسهن ضحايا لعمليات ابتزاز، ومحاولات للإيقاع بهن فى فخ العلاقات المحرمة.

ميثاق غليظ

وبسؤال الدكتورأحمد متولى سعد، عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر عن رأى الدين فى الزواج عن طريق الإنترنت أو من خلال المواقع المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعى، قال إن عقد الزواج يُعد من أعظم العقود وأرفعها شأنًا، وأعلاها منزلةً -كيف لا- وقد وصفه الله عز وجل بالميثاق الغليظ، فقال تعالى: «وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا»، فهو ميثاق غليظ، ورباط وثيق فى ذاته، وما ينتج عنه من آثار، ولذا فقد أولى الشرع هذا العقد عناية كبيرة بما أوجبه من أركان وشروط لابد من توافرها ليكون العقد صحيحًا، ونظرًا للتقدم التقنى المتسارع فى هذا العصر استجدت نوازل فى باب الزواج لم تكن معهودة فى الزمان الماضى، ومنها ما يُسمَّى بالزواج عبر الإنترنت. 

مواقع الزواج 

وأضاف «سعد» خلال حديثه للوفد بما أن الزواج رباط مُقدس، فهو يستهدف إقامة علاقة اجتماعية بين الرجل والمرأة من أجل تكوين أسرة، ومن شروط استمرار هذه العلاقة الصدق والإخلاص بين الطرفين والتحلى بالثقة المتبادلة، وهذه العوامل لن تأتى إلا بعد أن يتعرف كل منهما على الآخر بشكل يستطيعان به الوصول إلى قناعة بأنهما سوف يستطيعان إقامة علاقة زوجية على أُسس سليمة

وأشار إلى أنه قد ظهرت فى السنوات الأخيرة ظاهرة التعارف والزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك والدردشة وغيرها من المواقع الخاصة بالزواج، والتى يحدث فيها تقابل للجنسين، وتوجد إحصائيات متعددة تشير إلى أن أغلب حالات الزواج التى تمت عبر المواقع المذكورة كان مصيرها الفشل، لأنها لم تقم على أُسس سليمة ومنضبطة وإنما مُجرد تعارف عابر فقط.

وتابع عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر أن هذه المواقع تُسهِل للراغب فى الزواج تحقيق رغبته، وتتيح له فرصة عرض نفسه للطرف الآخر، وفرصةَ البحث عمن تتحقق فيه الصفات التى يرغبها، وهى بهذا الهدف تُقدم خدمة ما لم تُستغل فى تحقيق مآرب أخرى فتصبح مطية لنوايا دنيئة، وستاراً خدّاعاً للإيقاع بالفتيات فى علاقات آثمة، فليست المشكلة فى إنشاء هذه المواقع، ولكن المشكلة تكمن فى نوايا رُوّادِها، ومدى صدقهم فيما يحكون عن صفاتهم وطبائعهم، فقد يكون من هؤلاء من يقصد بدخول هذه المواقع إقامة علاقات آثمة مع الطرف الآخر.

وأشار إلى أن هذه الفئة قد لا يُعرف خُبثُ طويتها فى بادئ الأمر، فيحتاج الطرف الآخر – حتى يستوثق من صدق وسلامة قصده– إلى مشوار طويل فى الحديث معه وتوثيق العلاقة به إما محادثة أو مكاتبة، بل قد يكون من رواد هذه المواقع من هو صادق النية جادّ الرغبة، ولكن يمارس الكذب والتدليس؛ ليُظهر نفسه فى شخصيةٍ جذّابةٍ تتزاحم عليها رغبات الجنس الآخر، ومثل هذا التدليس الخفى قد لا ينكشف كذبه للأسف إلا بعد وقوع الزواج. 

وأجاب الدكتور أحمد متولى عن سؤال رأى الدين الإسلامى حول مشروعية الزواج عبر الإنترنت، بأن جمهور العلماء أجمع على أن الزواج عقد يلتزم الطرفان بمقتضاه بتنفيذ ما اتفقا عليه إيجابًا وقبولًا على وجه مشروع، وحتى يكون الزواج صحيحًا لابد أن يكون وفق عدد من الضوابط والشروط بداية بالخطبة حتى الزواج.

الزواج

وأوضح أن من أهم هذه الشروط: المكاشفة والمصارحة بين الطرفين، والحرص على الصدق وتقديم الحقائق عن كل منهما، وأن تكون النية جادة بينهما، وأن يعلم الأهل بكل ما يحدث بين الطرفين بهدف إفساح المجال للاقتران بشريك الحياة، وألا تتضمن المحادثات بين الطرفين أى حديث فيه اسفاف أو مخالفات شرعية.

وأضاف أن طريقة الزواج عبر الإنترنت قد تكون سببًا فى فتح باب من الشر والفتنة، فلا يجوز مثلًا أن ترسل الفتاة صورها الشخصية للشاب، وألا تصبح صور المسلمات وعناوينهن الإلكترونية عرضًا عامًا مستباحًا لمن يرغب فى التمتع بالنظر والتعارف، ومن ثم لا يُعَدُّ هذا زواجًا إذا لم يُستَوفَ فيه شروط الزواج الصحيح؛ مثل إذن الأهل عند طلب الزواج، طبقًا لقوله تعالى: «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ»، كذلك إذا لم يستوفِ بعضَ الشروط الأخرى؛ كعقد القران، والشهود، والصَّداق، وإشهار الزواج، لذلك لابد من الحفاظ على مشروعية الزواج الصحيح، والتأكيد عليه فى المجتمع، وهذا من قبيل سدٌّ الذريعة والحفاظ على الميثاق الغليظ، والحفاظٌ على مفهوم تكوين الأسرة فى الدين، والحفاظ حقوق الزوجين.

وطالب الدكتور متولى أن تقوم المؤسسات التربوية بدورها الفاعل فى توعية الشباب بألاَّ يلجأوا لمثل هذه الطرق عند الزواج، وألا تنساق الفتيات وراء مثل هذه الشبهات؛ لأن الشباب ومدمنى الشات والإنترنت من الممكن أن يستغلُّوا هذا الأمر استغلالاً سيئًا؛ حيث إن مفهوم الزواج له أبعادٌ وخصوصيات أكبر بكثير من أن تنحصر فى حديث بين اثنين عبر شات على الإنترنت.

سلبيات وإيجابيات

وأكدت ريهام أحمد عبدالرحمن، باحثة الإرشاد النفسى والتربوى بجامعة القاهرة، أن ظاهرة الزواج عبر الإنترنت تعد تقليداً حديثاً على المجتمعات العربية، ويرجع السبب الرئيسى فيه لانتشار وسائل التواصل الاجتماعى، ورغبة بعض الشباب فى الاستقلال بالرأى بعيدا عن اختيارات الأهل والتى تكون محدودة فى أغلب الأحوال، وأيضا لتأخر بعض الشباب فى الزواج، حيث تصبح هذه المواقع وسيلة لإيجاد الزوج أو الزوجة المناسب، بالإضافة إلى معاناة بعض الشباب من التفكك الأسرى وانفصال الوالدين مما يجعلهم يلجأون لهذه المواقع والتى لا يشترط فيها موافقة الأهل من عدمه، وهذه الحالة تمثل ٦٧% من حالات اللجوء للزواج عبر الانترنت.

المواقع الاكترونية

وأضافت ريهام أن هناك بعض قصص الزواج الناجحة عبر الانترنت، ولكن السلبيات تفوق الإيجابيات، ومن أهم هذه السلبيات عدم توافر الثقة، فالتعارف عبر مواقع التواصل الاجتماعى قد يكون فرصة لإظهار محاسن الطرفين، ولكن فى كثير من الأحوال قد يصدم أحد الطرفين فى الآخر على أرض الواقع، وذلك عندما يكتشف أنه تعرض لخدعة قد تسبب له بعض المشاكل النفسية مثل التعرف على شخص متزوج ولكنه لم يذكر ذلك منذ البداية، أو شخص يتعارف بهدف التسلية.

وأكدت أنه من السلبيات أيضًا عدم التوافق بين الطرفين، فالتوافق ليس فقط فى مرحلة التعارف ولكن أيضاً فيما بعد الزواج، وهو الأمر الذى يحتاج لمزيد من الوقت فى التعارف على أرض الواقع، وإعطاء النفس فرصة لتقبل الآخر والاطمئنان له.

وأشارت الدكتورة ريهام عبدالرحمن إلى أن الزواج عبر الانترنت قد يصبح تهديداً للأمن القومى، إذ يتيح الفرصة لتعرف الشباب والفتيات فى مصر إلى أطراف أجنبية وتجنيدهم دون أن يشعروا للعمل لصالح دولة معادية، وقد تكون ظاهرة الترويج للتعارف والزواج عبر الانترنت، وسيلة لتجارة الرقيق الأبيض وتجارة الأعضاء البشرية وبالتالى لا بد من توخى الحذر، موضحة أن بعضهم قد يصاب بصدمات نفسية وعاطفية نتيجة التعلق بأشخاص وعلاقات عبر هذه المواقع، ثم الاصطدام بالواقع أو بشخصية الطرف الآخر.

وطالبت «ريهام عبدالرحمن» بضرورة إنشاء مراكز متخصصة للزواج عبر الانترنت ولكن تحت إشراف الجهات الحكومية والعمل على توعية الشباب بمخاطر هذه المواقع عبر وسائل الإعلام المختلفة والجامعات لإظهار سلبياتها وإيجابياتها.