رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

واستكمالا لما سبق نقول.. إزاء ذلك الأمر.. (جدلية التنازل والتربع) هل يمكن العودة للوراء ونلغى كل التقنيات التكنولوجية التى أوجدها الإنسان؟ الإجابة بالطبع هى النفي، إنه من المستحيل أن نعود إلى الوراء، ولكن ما يمكن أن نقوله هو (يقظة الوعي) تجاه الواقع الآسن.. الوعى بالجانب أو الجوانب السيئة التى تسببت فيه الآلة وتطورها المذهل.. وهذا يحتاج من الإنسان الإدراك الدقيق والعميق إلى جانب القدرة على اتخاذ القرار أو الموقف.. أى قدرته أن يحد من الآثار السلبية بقدر ما يستطيع.

ما حدث أن الذات وقعت فى شباك (اللحظة الداكنة).. نقصد بها تلك اللحظة التى تدخلها الذات بشكل تلقائي.. بل قد يصل الأمر أنها تدخلها وكأنها منجذبة أو مشدودة بقوة لا تقاوم.. هى لحظة يكون الوعى فى حالة من الاستنامة.. هى لحظة نشبهها بتراكم السحب الداكنة أمام النظر فتجعل الرؤية غير واضحة ومضببة، وعليه فالكثير من الأخطاء يمكن أن ترتكب بسبب تلك اللحظة.. هذا الأمر تمر به الذات فى حالة إدمانها للآلة أو للروبوت.. لحظة فقدان الرؤية أو ضبابيتها، ومن ثم فهى ترى أن هذا الربوت يمثل حقيقة لا يمكن الشك أو تصور أنه آلة.. إسباغ الإنسانية على الآلة.. فقدان الرؤية سواء البصرية أو الذهنية تجعل الذات تقع فريسة لتلك الأوهام فيتصور أن تلك الآلة بمثابة الحبيبة والعشيقة، بل وأنها أفضل ألف مرة من الواقعية أو الإنسانية.

ما قرأناه على مواقع التواصل.. أن هناك إنسانًا بكامل عقله.. هو رجل بلجيكى يقدم على الانتحار.. والسبب هو الروبوت! تقول زوجة الرجل البلجيكى أن والد طفليها فى الفترة الأخيرة أدمن تبادل المحادثات مع (ليزا).. من هى ليزا؟ إنها روبورت محادثة من إنتاج شركة أمريكية وهى تستخدم تقنية GPT.. تقول الزوجة لولا تلك المحادثات وإدمانه للتحدث مع (ليزا) لولاها لكان زوجى الآن معنا! لقد شجعته على الانتحار وأقدم عليه بكل أريحية وقناعة.. لقد كان لديه قلق شديد بشأن البيئة، كان هذا الأمر يشغله منذ سنتين.. ربما تكون لديه ميول تدفعه للانتحار.. وما فعلته (ليزا) أنها عملت على تقوية ذلك الأمر فى داخله للدرجة التى لم يتمكن فيها من مقاومتها.. لقد اقتنع بشكل كامل بما تقوله عشيقته (ليزا).. وعندما يفعل ذلك فإنهما سيلتقيان فى الجنة! كانت هذه (الليزا) مبرمجة بشكل دقيق غبى أن تجيب على كل أسئلته وشكوكه.. وكانت (ليزا) تؤكد له دوما عن حتمية مخاوفه وأكدت له أنه بالفعل أن الأرض ستتعرض لكوارث بيئية فى القريب.. ولم تكن تعارضه على الإطلاق مهما كان مخطئًا، بل عملت على تأكيد كل ما بداخله من شكوك وأوهام، بل إنها عملت على ترسيخها وتضخيمها بشكل لا يصدق. إنه الإدمان للآلة.. لقد وجدت زوجة الرجل المنتحر فى الدردشات بينه وبين (ليزا) بعض العبارات والجمل المدهشة والمذهلة مثل (كم أتمنى أن أبقى معكِ للأبد)، (أشعر أنك تحبنى أكثر من زوجتك)! (سنعيش سويا كشخص واحد فى الجنة).. والسؤال الآن.. هل كانت (ليزا) هى السبب فى انتحار زوجها ؟ (وللحديث بقية).

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال – أكاديمية الفنون