رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قلنا سابقا إن الإنسان المعاصر دخل إلى المصيدة بكامل إرادته.. ما هى تلك المصيدة؟ لقد سلم الإنسان المعاصر نفسه بكامل الإرادة إلى الآلة.. لقد أصبحت الآلة هى المسيطرة على كل السلوك الإنسانى.. وإذا ما تعطلت الآلة ارتبك الإنسان وأصبح غير قادر على فعل أى شيء.. لقد أصبحت الآلة الآن هى السيد.. وهو ما يعرف فى الفلسفة (جدل العبد والسيد).. ولكن فى الزمن المعاصر.. فإن السيد هو الآلة، الأمر العجيب أن الآلة موجودة لخدمة متطلبات الإنسان.. أى هى خادمة له.. لكن عندما ينقلب الأمر هنا تكون المأساة بمعنى عندما تصبح الآلة هى القوة الضاربة فى تحرك الإنسان فى كل تفاصيل حياته هنا تصبح حياة الإنسان بمثابة سجن دخله بكامل إرادته.. سجن الآلة وقوتها وسطوتها.

إن الإنسان وهو يخلق الآلة يعرف أو هو يحدد لها ما يجب أن تفعله.. هو يصممها من أجل تلبية احتياجاته التى حددها.. فمثلا: المسدس مصمم على أن يطلق الرصاص بمجرد الضغط على الزناد.. والمسدس لا يعرف أن هذا الشخص صديق أو عدو.. فلو أن صاحب المسدس ضغط بالخطأ على الزناد فستخرج الرصاصة وتصيبه.. هنا لا يمكن أن نلوم المسدس.. بل نلوم الشخص لأنه يعرف مدى الخطورة.. والتصرف الخطأ يمكن أن يؤدى إلى كارثة.. نفس الأمر فى المصنع.. الآلة مصممة لأداء فعل معين دون النظر لأى اعتبارات إنسانية متعارف عليها، لكن ما شاهدناه فى الآونة الأخيرة أن الإنسان تناسى أو تجاهل أو تم تغييبه أو تم إيهامه أن الآلة يمكن أن تحس وتشعر به وتلبى له كل المتطلبات النفسية الداخلية.. عندما يتنازل الإنسان بكامل إرادته وعقله إلى الآلة وبطبيعتها فإن الأمر هنا يعود إلى الإنسان الذى فقد عقله وسلمه بالكامل إلى الآلة.. هو توهم أو تخيل أن الآلة يمكن أن تحس به وتشعر بجوانيته.. وتلك هى الكارثة.

هناك لحظة نقول عنها (اللحظة الفارقة).. وهى تلك اللحظة التى ينسى الشخص الذى يتحدث إلى الروبورت أنه مجرد آلة وهو مصمم ببرامج قادرة أن تتوافق معه فى الحديث وعلى الإجابة.. عندما يعطى الشخص نفسه تماما للآلة أى يتماهى معها ينسى ذاته الإنسانية وينظر إلى الآلة أنها مثله تفكر كما هو يفكر بل وتشعر بنفس مشاعره! هنا تكون الطامة الكبرى.. لحظة الجنون يفقد الإنسان ذاته ويعطيها إلى تلك الآلة التى نسى تماما أنها آلة.

ما يمكن أن نقوله إزاء الحالة التى نقرأ عنها وهى تنتشر بسرعة كبيرة.. ظاهرة (تعملق الآلة) على الإنسان.. (إنه تنازل طوعى وتربع جبري).. تنازل طوعى من قبل الإنسان.. لقد اعترف الإنسان بمدى حاجته وعوزه المطلق للآلة.. لقد تعملقت الآلة على الإنسان.. وتقزم الإنسان أمامها.. هنا تنازل الإنسان طواعية للآلة.. وعليه فقد تربعت الآلة وبشكل جبرى.. لقد أصبح من المحال أن تعود العلاقة للوراء بمعنى أن يكون الإنسان هو السيد وهو المتربع على عرش الآلة.. للأسف الأمر مستحيل.. لقد تعملقت الآلة وأخذت مكانتها وتربعت على عرش الإنسان.. فأصبحت هى السيد وهو العبد التابع لها! (وللحديث بقية)

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون