رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

سألت مرة النجم محمود ياسين وأنا أجرى حواراً مطولاً معه فى فيلته بالهرم قبل أكثر من ربع قرن: من هم أفضل الممثلين فى مصر؟ فأجاب بسرعة: إن نجيب الريحانى ومحمود المليجى ومحمود مرسى هم أهم ثلاثة ممثلين تألقوا فى تاريخنا الفنى.

تذكرت هذا الكلام بمناسبة مرور قرن من الزمان على ميلاد الأستاذ محمود مرسى فى 7 يونيو القادم، وبعد أسبوع من الآن، وبالتحديد فى 24 أبريل الجارى نحيى الذكرى 19 لرحيل هذا النجم الفذ.

الحق أن محمود مرسى امتلك موهبة خارقة فى فنون التقمص، وسأذكرك بمشهد فاتن فى بداية فيلم (شىء من الخوف)، 1969، ذلك المشهد يوضح بجلاء مستوى الأداء العبقرى الذى بلغه هذا الفنان الاستثنائى.

الجدّ «عتريس» الديكتاتور ملقى على الأرض بعد أن طالته طلقات نارية وهو يحاول أن يفتدى «عتريس» الشاب الذى انحنى على جدّه المحتضر ليستمع إلى نصيحته الأخيرة.

يصرخ الجدّ حاضنا حفيده بالانتقام من كل أهل القرية، آمرًا إياه بأن يقسم بذلك هاتفاً بصوت مبلل بحشرجة الموت: (إحلف... إحلف يا عتريس). هنا تنتقل الكاميرا بين ملامح الجدّ القاسى الذى تفصله عن الموت ثوانٍ قليلة، وبين وجه الشاب المسالم الذى وجد نفسه فجأة مطالبًا بالقتل ثأرًا لجدّه المصروع!.

لا يمكن لأحد أبدًا أن يصدق أن الذى يجسد الدورين – الجدّ والحفيد – هو شخص واحد، ذلك أن المسافة النفسية والعمرية، ومن ثم أسلوب الأداء وإيقاع الصوت وارتعاشة النبرة... وكذلك الماكياج... كل ذلك يختلف جذريًا بين الشخصيتين.

هنا بالضبط تكمن استاذية فناننا القدير الذى ترك لنا العديد من الأعمال المدهشة فى السينما والتليفزيون والإذاعة.

لم يكن محمود مرسى مجرد ممثل فوق العادة فحسب، وهو أمر محمود بطبيعة الحال، بل كان فناناً عظيم الثقافة واسع الاطلاع يتقن الإنجليزية والفرنسية إتقانًا تامًا. هذا الولع بالمعرفة جعله يعى جيدًا الأبعاد النفسية والجسدية لكل شخصية يتصدى لتقمصها، فلا يتورط فى أداء ساذج ومسطح، أو يستسلم لتقاليد بالية فى فن التمثيل رسخها ممثلون ظهروا قبله.

تعال نتذكر معًا بعض أدواره اللافتة.

ـ فى فيلم (الليلة الأخيرة)، 1963 لكمال الشيخ يبرع محمود مرسى فى أداء دور الرجل المخادع الذى يزوّر فى أوراق رسمية مستغلاً حالة فقدان الذاكرة التى أصابت شقيقة زوجته. وعندما تحوم الشكوك حوله يسعى جاهدًا من خلال نظرات مرتبكة وتقطيبة الحاجبين وارتباك الخطوات للحيلولة دون افتضاح أمره.

وهناك أفلام أخرى تعزز ما نقول حول مهاراته الفريدة فى فنون التمثيل مثل (الخائنة)، 1965، و(زوجتى والكلب)، 1971، و(أغنية على الممر)، 1972، و(ليل وقضبان)، 1973 وغيرها، فضلاً عن عشرات المسلسلات التليفزيونية لعل أشهرها (العملاق) و(أبوالعلا البشرى) و(عصفور النار) و(سفر الأحلام) و(بين القصرين) و(قصر الشوق) و(لما التعلب فات) وغيرها الكثير.

باختصار... محمود مرسى فنان كبير، لذا أتمنى أن نحتفل بمئويته هذا العام بشكل يليق بما قدمه لنا من متعة صافية.