رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

تشابهت مشاهد الموت والخراب والدمار المرعبة في تركيا وسوريا، جراء الزلزال الذي ضربهما، ليبيد قرى بأكملها، وتهتز له بلدان الجوار، مخلِّفًا وراءه أكثر من 35 ألف ضحية، وعشرات آلاف المصابين والمشردين.

زلزال «كهرمان مرعش» الدامي، وحَّد مأساة الإنسانية، التي لا تعترف بحدود الجغرافيا، في مشاهد ذعر كارثية، كان الإنسان محورها.. والحصيلة موتٌ جماعي ودمار شامل، خلَّف أكبر كارثة إنسانية معاصرة، طُبعت على شواهد قبور «ضحايا الجيولوجيا».

بعد أيام من وقوع «أهوال يوم الزلزال»، وفي ظل الأرقام المخيفة والصادمة، ربما أكثر ما يلفت الانتباه، هو تباين ردود الأفعال، التي أقل ما توصف بأنها «كاشفة» عن خلل رهيب في التفكير، صاحبها بعض جرعات «الشماتة» والتطرف والإلحاد، و«التديُّن الشكلي»!

في زمن اختلط فيه العلم بالجهل، والإنسانية بالمسوخ البشرية، ثمة أسئلة لا تبرح الذهن، وتحتاج إلى إجابات تحترم العقل والمنطق: «هل الزلازل دليل على ذنوب العباد ومعاصيهم، أم هي عقوبات لهم، كما سارع البعض على التأكيد، وآخرون إلى النفي، وأحيانًا السخرية»؟!

ربما أجابت مأساة زلزال تركيا والشام عن أسباب وقوعه من وجهة نظر «شرعية» من خلال أحد المشايخ الذي وصفها بـ«الطبيعية» ويجب ألا نفصلها عن «رسائل» الخالق، من باب «تخويف» عباده «المؤمنين»، لزيادة إيمانهم وتوبتهم، ولـ«الكافرين» بإقامة الحُجَّة عليهم!

شيخ آخر لم يبتعد كثيرًا عن هذا التفسير، داعيًا إلى «تفكُّر الأحياء في الحكمة والموعظة من كوارث الجيولوجيا»، فيما ذهب ثالثٌ إلى أنها نتيجة «بما كسبت أيدي الناس»، مطالبًا بعدم الفصل بين كوارث الطبيعة وذنوب العباد، التي تسببت في وقوع البلاء!

ذلك الداعية «النابه» أوضح أن ما يقع من مصائب وكوارث طبيعية مردّها لأفعال الناس، ولذلك فإن «الصالحين» يكون البلاء لهم أجرًا واختبارًا، وتكفيرًا لذنوبهم، أما «الطالحين» فإنه عقوبة واجبة ومستحقة!

بعيدًا عن أدلة «الدعاة إلى الله»، فإنه من الطبيعي جدًا عندما تحل كارثة إنسانية بهذا الحجم، أن نجد تعاطفًا إنسانيًا ومشاركة وجدانية، وألا تجد العداوة أو البغضاء مكانًا بين جثث الضحايا وآلام المصابين وعذابات المشردين!

لكن الذي جُبِلَ على الشر والحقد والعنصرية والتطرف، لن تستطيع كل الكوارث الطبيعية أن تردّه إلى جادّة الصواب أو واحة الإنسانية.. وهذا كان موقف مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية!

تلك المجلة «سيئة الصّيت والسُّمعة»، نشرت رسمًا كاريكاتوريًا غير أخلاقي، لتعلِّق عليه بالقول: «زلزال في تركيا.. لا داعي لإخراج الدبابات»، أي أنه لا لزوم لقصف تركيا وتدميرها وقتل شعبها، طالما أن الزلزال تكفَّل بذلك.. في دعوة صريحة وفاضحة للقتل الجماعي!

 

فصل الخطاب:

يقول نزار قباني: «تنامُ، كأنما المأساةُ ليستْ بعضَ مأساتِكْ.. متى تفهمْ، متى يستيقظُ الإنسانُ في ذاتِكْ»؟

 

[email protected]