رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

لو كان الأمر بيدى لمنحت كل من يصدر كتابًا فى هذه الأيام وسامًا رفيعا جزاء وفاقا لهؤلاء الذين لا يزالون يراهنون على قيمة الكتاب وأهميته فى ظل تراجع كل شىء جميل له علاقة بالقيم والأخلاق. إصدار كتاب فى هذه الأيام هو بمثابة تلك الفسيلة التى أمرنا رسولنا الكريم بزرعها لو كانت فى يدنا وقد قامت القيامة. وبما أن كل الشواهد تؤكد أن الكلمة المكتوبة فى طريقها إلى زوال حيث قامت بالفعل قيامتها يأتى هؤلاء بالأمل ويزرعونه فى أحلك اللحظات التى تمر بها صناعة الكلمة، لتصبح تلك الكتب هى البصيرة لعالم فقد مع الاسف بصره.

كتبت الأسبوع عن فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب ومتعة استنشاق رائحة حبر طباعة الكتب فى أجنحة معرض الكتاب المختلفة بشكل عام مختلطة بعبق التراب الذى يعلو القديم منها فى جناح سور الازبكية. وإذا كان من الصعوبة بمكان تفقد جميع أجنحة المعرض، إلا أن الكتب الكثيرة التى تصلنى على هامش المعرض سنويا من أصدقاء أعزاء تعوض بالنسبة لى ذلك النقص فى تفقد جميع الأجنحة. لذا وكالعادة كل عام عقب انتهاء المعرض أفاجىء بأن مكتبى قد تحول لجناح من أجنحة معرض الكتاب بمجموعة كبيرة من الإصدارات التى أرسلها لى الاصدقاء من المؤلفين والناشرين.

يا ما انت كريم يارب، ولك الحمد كثيرا على تلك القوة التى تمنحها لكل هؤلاء الذيني كافحون ليظل للكتاب الحقيقى رونقه وجماله بعيدا عن منطق البيزنس والتجارة الذى افسد كثيرا من الأشياء الجميلة في الثقافة وفى الرياضة وهما الجناحان اللذان يحلق بهما أي مجتمع يريد أن يرتقى بأهله وناسه بعيدًا عن السياسة ودهاليزها وحواراتها التى لم يجن منها العالم كله سوى الشرور والآثام.

أحيانًا كثيرة أتأمل كمية الكتب التى تصلنى كل عام لتنضم لأشقائها من الكتب التى ضاقت عليها المكتبة بما رحبت، وأسأل نفسي:كم ستقرأ من هذه الكتب،وهل يمتد بك العمر لتنتهى ولو حتى من نصف ما لديك من كتب فى مكتبتك سواء القديم منها أو الجديد، وهل ستتمكن يومًا من العودة لقراءة كثير من الكتب التى كنت عندما قرأتها للمرة الأولى قد عزمت أن تعود لها يوماً،إما للقراءة بشكل أفضل أو لاستعادة المتعة التى شعرت بها عند قراءتها فى المرة الأولى أو للحنين للماضى الذى تمثله تلك الكتب بما تحتوى عليه من عبق التاريخ وروائعه.

يقينى أن كل كتاب يقرأه الانسان يزيد من عمره أعمارا كثيرة. كل من يقرأ يدرك ذلك جيداً. لا أدرى حقيقة نسب أبيات من الشعر للجاحظ،  لكنها على كل حال معبرة وبليغة جدًا يقول فيها:

أوفى صديق إن خلوت كتابى < ألهو="" به="" إن="" خاننى="">

لا مفشيا سرا إذا أودعته < وأفوز="" منه="" بحكمة="">

لذا لا اندهش أبدًا من هؤلاء الذين ينغمسون فى القراءة حتى تشعر أنهم نوعية مختلفة من المخلوقات لا تمشى على الأرض بل تطير حتى تكاد تعانق السماء. وقد صدق من قال أن الكتاب هو أوفى صديق. مخلص لصاحبه لا يغدر ولا يخون ويقدر العشرة ويعرف حق صاحبه عليه، فشكرًا جزيلًا لهذا الصديق الوفى.

[email protected]