رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتجاه

أنا لست مع التفسير التآمرى، الذى يقول إن السودان وإثيوبيا، اتفقتا - منفردتين- على تسوية خلافاتهما حول سد النهضة، على مسار متباعد عن المسار المصرى- السودانى..الذين تبنوا هذا التفسير، لم ينظروا سوى للشق الغامض، فى زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، إلى الخرطوم الأسبوع الماضى، ولقائه رئيس مجلس السيادة السودانى، عبدالفتاح البرهان، فى حين كانت زيارة دولة بروتوكولية، ركزت على ملفات الحدود، وتصفية الأجواء مما حدث بين قوات البلدين من مناوشات، كادت تصل إلى حافة الحرب، ومن الطبيعى أن يتبادل الطرفان رسائل الطمأنة، حول أزمة سد النهضة، حتى ولو من زاوية كرم الضيافة.

 * لكن.. ومع فرضية حسن النية، فى زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى، يبقى لتوقيتها حسابات عديدة، أخطر ما فيها، أنها تتزامن مع عزم أديس أبابا، الشروع فى الملء الرابع لسد النهضة، دون إخطار مصر، بالرغم أن إعلان المبادئ، الذى وقعت عليه فى الخرطوم، فى شهر مارس 1915، يلزمها بالتشاور مع بلدى المصب والمرور، حول قواعد الملء والتشغيل، ومع ذلك استمرأت إثيوبيا التعنت المتعمد، فى تقديراتها لمواقف أطراف الأزمة، وأيضاّ لحقوقها فى مراقبة التشغيل، حتى أمكن لها القفز بالمخزون المائى، إلى 17 مليار متر مكعب، فى الملء الثالث لبحيرة السد، وتصر على زيادة هذ المخزون- خلال أيام- إلى25 ملياراً فى الملء الرابع.

 * ولآن الرأى الفنى فى الملء الجديد، أنه سيكون خصماً من نصيب مصر، إلى نصف الرقم 55 مليار متر مكعب، ما يعنى إضافة أعباء مالية ضخمة، لتوفير موارد مائية متجددة، بخلاف كلفة عشرات أو مئات مليارات الجنيهات، لتدوير مياه الصرف، وتحلية مياه البحر، والإقلال من زراعات الأرز..إلخ، حتى تتجنب البلاد أى أزمات، فى مياه الشرب والزراعة وتوليد الكهرباء، وعلى الرغم من ضرورية هذه الإجراءات، غير أنها تظل وقتية، ولن تكون بديلاً عن إجبار أثيوبيا، على عدم المساس بحصة مصر التاريخية فى مياه النيل، وهو أمر يتطلب رسالة قوة لأديس أبابا، إن صبر مصر على وشك أن ينفد، وأنه حان الوقت لحسم أزمة السد.

 * ماذا بعد انقضاء 12 عاماّ، تحلت خلالها مصر بسياسة النفس الطويل، مع كل مرة تتهرب فيها إثيوبيا، على مدى أكثر من 10 جولات تفاوضية، حتى إنها سبق وعرضت المساعدة، فنياّ واستثمارياً، فى مسألة إنتاج الكهرباء، غير أن الجانب الإثيوبى، واصل - ولا يزال- التعنت والمكابرة، فى سبيل إفشال كل مبادرات حل الأزمة، بدءاً من اتفاق واشنطن الذى تبناه الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، فى فبراير 2020، ثم اجتماع وزراء الخارجية والمياه، فى كينشاسا، حتى العرض الأوروبى لاستضافة المفاوضات، وانتهاء بتوصيات مجلس الأمن، فى يوليو 2021، بإطلاق مفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقى، لم تنعقد حتى اليوم.

 * مقابل الأدوات الدبلوماسية، التى تنتهجها السلطات المصرية، هناك مخاوف شعبية وقلق مشروع، تجاه السلوك الإثيوبى، فى معالجة أزمة سد النهضة، نقترح توظيفها، للضغط على حكومة أديس أبابا، عبر استجابات دولية وإقليمية، قد تفرض حلاً عادلاً لأطراف الأزمة، وربما فى قرار لجامعة الدول العربية، فرصة الترويج لحقوق مصر والسودان، أمام المنظمات الدولية ذات الاختصاص، إلى جانب ضغوط الدول الصديقة، روسيا والصين وأمريكا مثلاّ، فد يضع إثيوبيا أمام مسئولياتها القانونية والدولية، ينتج معها صيغة، تكون إما خطوة لاختراق أزمة سد النهضة، أو على الأقل، منع الملء الرابع، إلى أن يجرى الاتفاق على قواعد التشغيل.