رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

فى مساء الثالث من يناير عام 1938 قرأ المذيع أحمد كمال سرور أول نشرة إخبارية على أثير الإذاعة العربية الوليدة بى بى سى عربى.. وفى الواحدة من ظهر يوم الجمعة الماضية السابع والعشرين من يناير عام 2023 توقفت إذاعة بى بى سى عربى عن البث بعد مسيرة حافلة استمرت 85 عاماً.

وصفت وسائل إعلام عربية وعالمية اليوم الذى توقفت فيه بى بى سى عربى بأنه يوم حزين.. وهو حقاً يوم حزين على الإعلام فى كل مكان فى العالم.

لقد ارتبطنا بإذاعة البى بى سى وذكرياتها ستظل محفورة بداخلنا.. ابتداء من تتر المقدمة الذى إذا سمعته عن بعد فى أى مكان تعرف أنها الـ بى بى سى.. ومروراً بالجملة الشهيرة هنا لندن هيئة الإذاعة البريطانية.. وانتهاء بصوت مذيعها المحترف الذى يشعرك بأنه خلق ليكون مذيعاً.

ارتبطنا بإذاعة البى بى سى فى وقت مبكر وكنا نسمع الجملة الشهيرة هنا بى بى سى ونحن طلبة فى المرحلة الإعدادية.. إذا أردت أن تعرف الخبر تابع بى بى سى وإذا أردت أن تعرف الحقيقة عليك الـ بى بى سى.

لقد شكلت الـ بى بى سى جزءاً من وجداننا وتحقق للبريطانيين ما أرادوا.. فقد أرادوها قوة ناعمة تكون جسراً بينهم وبين شعوب الدول التى استعمروها.. وسقط الاستعمار ورحل واستمرت البى بى سى قوة ناعمة وأداة من أدوات الدبلوماسية الثقافية لدى بريطانيا.

زاد ارتباط الشعوب العربية بالإذاعة الشهيرة فى أعقاب هزيمة يونيو 67، فقد كانت ملاذاً للمستمعين العرب بعد خداع عبدالناصر ورجاله للشعب المصرى والشعوب العربية.. بإذاعة بيانات كاذبة تؤكد تحقيق النصر على العدو فى الوقت الذى قام العدو بضرب جميع مطاراتنا قبل أن تنطلق منها طائرة واحدة.. هنا خرجت البى بى سى لتكشف للناس الحقيقة.. واستمر الارتباط بها سنوات طويلة ولكن ليس بنفس الدرجة، لأن السياسة الانفتاحية التى انتهجها الرئيس والزعيم أنور السادات أعادت الثقة بين الشعب وحكامه خاصة بعد انتصار العزة والكرامة فى أكتوبر 73.

فى نهاية عام 2012 وتحديداً فى منتصف نوفمبر قمت بزيارة إلى مؤسسة البى بى سى فى لندن والتقيت هناك برموز الإعلام فيها وبقياداتها فى ذلك الوقت... انبهرت بتلك المؤسسة العريقة التى تمثل صرحاً إعلامياً عملاقاً كل شىء فيها يحكى تاريخ أمم ويشهد على أحداث محفورة فى ذاكرة الأجيال.

وقفت أمام الميكروفون الذى أذاع خبر انتحار هتلر.. وهو نفسه الذى خاطب به الزعيم الفرنسى شارل ديغول فرنسا فى يونيو 1940 عندما فر بعد الهزيمة فى الحرب العالمية بعد سقوط باريس وكان وقتها أصغر جنرال فى الجيش حيث ألقى خطاباً قوياً وحماسياً من مقر إذاعة بى بى سى ومن هذا الميكروفون تحديداً بدأ فيه جمع الشتات الفرنسى حتى تحررت فرنسا وأصبح رئيساً لها فيما بعد.

عراقة الـ بى بى سى وهيبة هذه المؤسسة لا تتوقف على الدور الإعلامى الناجح الذى تقوم به.. وإنما تمتد إلى الميراث الإعلامى الذى لم ولن يتحقق لمؤسسة أخرى على مر الزمان.

وداعاً هنا لندن... وداعاً بى بى سى عربى.. وهكذا الأيام.