رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا يتم حرق القرآن الكريم تحت حماية الشرطة ووفقًا للقانون والدستور؟، سؤال لا يحتاج إلى التعصب الدينى ومشاعر الغضب والكراهية للبحث عن إجابة، بقدر ما يحتاج إلى قليل من المنطق والعقل، إن ما يحدث من عمليات حرق المصاحف وممارسة العنصرية الكريهة ضد الإسلام والمسلمين، أشبه بعملية شرعنة القتل وتبريره، ليصبح الجانى مجنيا عليه، ويتحول الضحية إلى مجرم ومحل اتهام، والسبب جاهز وهو الخوف من الإسلام أو ما يسمى «الإسلامو فوبيا»!!

نعود إلى أصل الحكاية، فى أكتوبر ٢٠١٤ تم تأسيس حركة تسمى «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب فى ألمانيا»، وتحديدًا فى مدينة درسدن وأطلق عليها اختصارًا اسم «PEGIDA» بيغيدا، للحفاظ على الهوية الأوروبية من المهاجرين بشكل عام والمسلمين بشكل خاص، ثم تمددت فروع هذه الجمعية أو الحركة فى النرويج والسويد والدنمارك وأصبحت متعددة الأذرع، وهى نفس الأفكار التى تتبناها أحزاب اليمين المتطرف مثل حزب «هاردلاين» الذى أسسه «راسموس بالودان» الذى قام بحرق نسخة من المصحف الشريف مؤخراً.

ولكن هل حقًا تلك المخاوف والحفاظ على الهوية الأوربية، هى السبب الحقيقى وراء هذا التعصب ضد الإسلام؟!! الإجابة قطعًا لا، فكيف تمثل نسبة لا تتجاوز ٦٪ من عدد السكان تهديدًا للهوية، كيف يمكن لهذه النسبة من المهاجرين واللاجئين الفقراء تشكيل هذا الخطر الذى يدعمه الإعلام الغربى ويتبناه!!

إذًا هناك أسباب أخرى وراء هذا الدعم للتطرف ضد المسلمين، منها ما أشار إليه الكاتب الألمانى «ستيفان فايدنر» فى كتابه «ضد بيغيدا» والذى فند فيه كل الآراء المتطرفة، ويسرد فيه حركات نقد الإسلام التى كانت وراء التمهيد لظهور مثل هذه الجمعيات والأحزاب اليمينية المتطرفة، منذ ما يسمى بمؤتمر نقد الإسلام فى كولونيا مايو ٢٠٠٨، وكيف تم التحول من نقد الأديان بشكل عام ليصبح النقد والمعاداة منصبًّا على الإسلام، لتكون النتيجة كما يقول «ستيفان فايدنر»: نقد الإسلام يعكر الأجواء بين أغلبية المجتمع والمهاجرين، وفى أسوأ الحالات قد يؤدى إلى شرعنة القتل، مثل ما حدث مع الصيدلانية المصرية مروة الشربينى فى قاعة محكمة «درسدن» يوليو ٢٠٠٩، الأخطر من ذلك هو نزعة بعض السياسيين ونقاد الإسلام إلى تحويل مواقفهم المعادية إلى قوانين مثل حظر ارتداء الحجاب، واستخدام مصطلح التنوير ليكون مقابلًا فقط للإسلام البعيد عن الواقع الذى ينشره أصحاب «نقد الإسلام».

قد يكون أحد الأسباب الرئيسية لانتشار مثل هذه الحوادث المشينة يتعلق بأزمات اقتصادية أو اجتماعية أو تستخدم لأغراض سياسية، وهذا السبب الأخير ألمحت إليه الخارجية الأمريكية، وقالت إن حرق المصحف كان يهدف إلى الاستفزاز، وربما سعى عمدًا إلى تباعد حليفين مقربين، فى إشارة إلى تركيا والسويد.

والحقيقة الواضحة أن الغرب لم يحاول معالجة تلك المخاوف، بل أراد لها أن تشتعل، والأكثر وضوحًا أن نقاد الإسلام لا يريدون رؤية الحقيقة رغم وضوحها، لا يريدون أن يعترفوا أن الإسلام ليس موجودًا ليغزو العالم، وأن الرفض والاختلاف مع ثقافة الغرب أو جزء منها، ليس معناه بالضرورة رفضًا للتنوير!!

أخيراً.. إذا كانت الصهيونية العالمية قد استطاعت أن تجعل معاداة السامية جريمة، بمجرد الإشارة إلى صليب نازى معقوف، فهل حرق المصحف وقتل المسلمين وشرعنة التطرف ضد المهاجرين لا يعد جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية التى يفتخر بها الغرب، ويحافظ عليها ويدافع عنها، من يجب عليه أن يخاف إذاً، ومن يجب عليه الدفاع عن هويته، الجانى أم الضحية؟!!

فى النهاية.. يبدو أن السياسة الدولية تحولت من فن الممكن إلى فن صناعة الإرهاب وتصديره، وأصبحت فكرة نقد الإسلام، ثم التعظيم والتفخيم ومنح الأوسمة لأصحابها بدعوى التنوير مجرد «سبوبة» وموضة بايخة.

[email protected]