رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

بنظرة سريعة على التاريخ الاقتصادى للدول.. نكتشف بسهولة أنه ليس هناك وصفة سحرية لحل الأزمات الاقتصادية.. بل إن السياسات النقدية نفسها يجب مراجعتها من فترة لأخرى.. وما يصلح مع دولة أو ظرف معين ليس بالضرورى أن يصلح مع غيرهما.. لكن فى النهاية هناك قواعد ثابتة لا تتغير.. ففى أعقاب الحرب العالمية الأولى وقعت أزمة الكساد الكبير والذى بدأ من 1927 وبلغ ذروته 1929.. ولعبت السياسة النقدية فى تلك الأزمة دور البطولة.. فهناك من رأى الحل فى العودة لقاعدة الذهب، ثم تخلى عنها.. ومن بدأ بالتخلى عن قاعدة الذهب وعاد إليها لفترات وجيزة.. وكما كان التضخم خيرا لقطاع كالصناعة فى ألمانيا.. كان وبالاً على قطاعات أخرى.. وكما كان انخفاض قيمة العملة خيرا للدول الصناعية.. «وهو ما تحرص عليه اليوم دول مثل الصين واليابان».. كان خرابا ودمارا على الدول التى يعتمد اقتصادها على الاستيراد.

كانت هناك دروس من كتلة فرنسا وبلجيكا وإيطاليا.. وأخرى لبريطانيا والولايات المتحدة.. لكن الدرس الأكبر كان للمارك الألمانى وانهياره التام.. وكيف استطاعت ألمانيا أن تنهض فى سنوات قليلة لتصبح قوة عظمى.. كان من أهم القرارات الألمانية.. الحفاظ التام على ثروات الأمة من الضياع بسبب السعر المنخفض لعملتها.. بل فرضت على الأجانب أسعارا أعلى بكثير مما فرض على المواطن.. الاعتماد التام على القدرات المحلية والعلم وعدم تصدير الخامات.. بل سعت لتخليق واستبدال الخامات غير المتوفرة لديها.. والتحكم بقوة فى سعر العملة.. ثم الاتجاه من الفائدة المرتفعة إلى المنخفضة للدفع بالأموال فى المشاريع الصناعية والزراعية.. وأخيرا التحكم الصارم فى أسعار السلع.

وفى مصر اليوم.. اتجهت الدولة إلى إجراءات جيدة لمواجهة الأزمة.. منها رفع الفائدة.. ثم المشتقات المالية.. وأخيرا الانتقال فى بعض معاملات التجارة من عملة العجز «الدولار».. إلى عملات مثل الروبل واليوان.. وهو إجراء فى غاية الأهمية لخفض الطلب على الدولار.. نتمنى التوسع فيه.. وأن تلحق بهما عملات مثل الروبية والريال البرازيلى.

لكن يجب ألا ننسى أن السياسات النقدية عامل مساعد للاقتصاد.. ولا يمكن الاعتماد عليها بلا نهاية.. فهى إجراءات ذات مفعول قصير المدى.. وما تحتاجه مصر الآن وفوراً.. هو حكومة اقتصاد لديها خطة واضحة المعالم لعام وأخرى ثلاثة أعوام وصولا للخطط الخمسية من جديد.. وأهم ضمان لخروج مصر من أزمتها الحالية.. التوقف فورا عن القروض «العقيمة» والتحول للقروض «المثمرة».. مع توسع حقيقى للصناعة المحلية لتحل محل الواردات.. دون إحداث أزمات بالوقف المفاجئ للاستيراد دون توفير البديل المحلى.. والأهم ألا تتحول عملات الروبل واليوان مع الوقت لعملات عجز.. نتيجة اختلال الميزان التجارى مع بلديهما.. الخروج من الأزمة ممكن بالفعل.. لكن الارتكان إلى السياسة النقدية وحدها والقروض العقيمة لن يجلبا إلا المزيد من نزيف الثروات والأزمات.. لنجد أنفسنا جميعا ندور فى دائرة مفرغة بلا نهاية.. حفظ الله مصر وشعبها.

 

[email protected]