رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأتى أوقات على الإنسان يضطر فيها أن يكون على غير حقيقته دون أن يؤذى أحدا، وتجنبًا للأذى النفسى إذا أخذ الأمور بجدية فى هذا التوقيت، فتفاعل بجدية ورد على السائلين بجدية، أو أبدى حزنه، أو اندفع شارحًا وجهة نظره بإخلاص متناهٍ، أو حتى أبدى علامة ضاحكة تعليقاً على منشور افتراضى وهو فى الأصل يشعر بمرارة وسخرية من الواقع، أو أخفى تعبه وعلته عن الآخرين وطمأنهم بأنه «كويس»، أو تراجع عن إبداء رأيه الموضوعى مهما كان لعلمه بعدم تفهم السائل، أو اعتذر عن الخروج مع مجموعة من الأصدقاء أو الأقارب أو فى صحبة ما، تجنباً من أن يكون ثقيلاً عليهم بسبب اكتئابه، أو التكاسل عن الرد على الهاتف الذى يطلق رناته المتوالية وهو فى مزاجٍ ليس صافياً لسماع أى صوت، أو قراءة رسائل التطبيقات ومعرفة مصدرها دون فتحها لعدم الاضطرار للرد.

كل ما سبق أحوال رغم أنها متفرقة، غير أنه يمكن إجمالها فى وصف الاضطرار إلى وضع القناع، هذا القناع الذى نجد فيه ملاذاً آمناً أو نتصور أنه يقينا ضغوط مضافة فى أوقات عصيبة تحيطنا بضغوط متفرقة، ولو جمعنا هذه المواقف قد تظهر شخصياتنا المطفأة المختفية وراء الردود التقليدية، هذه الشخصية التى لا يعرفها الناس لا يعرفون جوهرها الحقيقى فى مثل تلك اللحظات، بل إنهم لا يهتمون بأن يعرفوا، لكن كثيرين يريدون فقط أن يسمعوا منك تلك الردود الجاهزة المغلفة بالابتسامات والطمأنة على الصحة والعامل النفسى وإبداء الرأى الذى يريح هذا الآخر، إذا واجهنا أنفسنا بالسؤال الوجودى المتعلق بوجودنا فى الحياة وعلاقاتنا وأمزجتنا النفسية: متى اضطررنا إلى تلك الأقنعة، سنكتشف ربما أننا جميعا نتوارى خلف هذه الوجوه غير الحقيقية التى لا تخصنا، ولو حدث مرة وقرر الإنسان أن يصرخ وينفجر معبرا عن ذاته الحقيقية التى تختبئ خلف القناع ربما نسمع عجب العجاب، قد يندهش القريبون من هذا الذى فاض به الكيل فنزع قناعه وصار حقيقيا كما ينبغى، لكن هل سيتحمل هؤلاء هذا الشخص الذى يعرفونه جيدا لكنهم كانوا متعامين عنه.

نعم أغلبنا يرتدى الأقنعة لإخفاء المشاعر الحقيقية، غير أن هناك الكثير منا يلجأون لذلك لإخفاء هوياتهم أو مشاعرهم الحقيقية فيتجهون إلى قمع أفكارهم والتصرف بطريقة معينة، وربما أحببنا بعض هذه الأقنعة والبعض الآخر لا نقبله، لكن مع ذلك نضعه على وجوهنا وملامحنا الخارجية، لإيجاد وسيلة للتعايش بين مجتمع أحياناً لا يترك فرصة إلا وألقى باللوم والعتاب والأسئلة الجامدة والتدخل فى الشئون، فهل يجب أن نكون أنفسنا طول الوقت؟ خاصة أن تمويه النفس قد يعنى أننا قد نكون زائفين، أم أن هناك ضرورة مقبولة بالفعل حفاظا على السلام النفسى، أن نقمع ذواتنا الحقيقية خلف أقنعة مؤقتة؟ ربما الأمران ضروريان للحياة، لأنك إن تجنبت الضغوط بالأقنعة قد تبحث عن نفسك فى لحظة ما فلا تعثر عليها بسهولة وهو المعتاد والطبيعى، لكن فى الإخفاء أيضاً إلهام كبير وربما تصالح مع النفس لا يعكره هذا التشويش خصوصًا فى ظل اختلاف العلاقات وكذا اختلاف مستويات العقل، إنه القناع المجازى الذى يجنب كثيرًا من الآلام التى قد نتلقاها أو حتى نتسبب فيها، فلو أن البعض الذين يدفعونك للأقنعة يسألون عن أحوالك أو يحاولون التواصل من باب الاهتمام والحب، ولو أنك تعرف أن من يسألك رأيك فى شأن يخصه يريد ألا تجامله، ولو أنك تعرف أن بعض المتصلين لن يجروا مسامعك إلى هنات أو ربما أكل لحم آخرين وهكذا، لما اضطررت إلى القناع، فلا تخلعوا الأقنعة.