رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

جاء ترتيب مصر فى مؤشر الفساد عام 2010، أى قبل عام من ثورة يناير فى المرتبة 98 من أصل 178 دولة، فى تقرير منظمة الشفافية وهى منظمة دولية لرصد جميع أنواع الفساد بما فى ذلك الفساد السياسى، وبحلول أواخر عام 2010 كان حوالى 40٪ من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر أى يعتمدون على دخل قومى يعادل حوالى 2  دولار فى اليوم لكل فرد ويعتمد جزء كبير من السكان على السلع المدعومة، وحسب تقرير لجنة تقصى الحقائق عن أحداث ثورة 25 يناير، فإن هناك العديد من الانحرافات الخطيرة شابت قرارات العلاج على نفقة الدولة وظهور المبيدات الزراعية المسرطنة وانتاب المصريين إحساس بأن أراضى الدولة نهبها الانتهازيون والمحيطون بالنظام، عندما ظهرت فئة مقربة من السلطة اشترت أراضى الدولة بأبخس الأثمان ليعيدوا تدويرها وبيعها بعد ذلك بأسبوع أو بشهر بثمن يعادل ألف ضعف؟ ولم يتم تطبيق ما تطبقه النظم المقارنة، حينما يتولى رجل أعمال منصباً سياسياً، فإن عليه أن يترك أعماله الخاصة تماماً، لشركة أخرى تديرها، ولا تتعامل شركات هذا السياسى مع الدولة طوال بقاء رجل الأعمال فى السلطة.

كما اتسعت فى هذه الحقبة فى ظل الحكم السابق الفجوة بين الأغنياء والفقراء بسبب بسبب التوزيع غير العادل للناتج القومى، ولم يشعر أغلب المصريين بأنهم نالوا حصتهم العادلة من الاقتصاد الذى نما بشكل جيد فبدلاً من ذلك وجد المصريون أن بعض رجال الأعمال الذين تربطهم علاقات بالحزب الحاكم يغترفون ثروات البلاد، وساد الفساد الحياة المصرية، وقضى على كل بارقة أمل، واتسعت الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون اتساعاً مهولاً، وكان الأثرياء فى هذا العهد ينفقون أموالهم على المظاهر والأبهة بدلاً من صرفها فى داخل مصر لخلق وظائف جديدة أو منتجات جديدة، فى الوقت الذى كان يقف فيه المواطن الشريف فى طابور الخبز، وفى الوقت الذى كان يجنى فيه عدد كبير من النخبة الرأسمالية دخولا ضخمة دون عناء، كان لا يجد الموظف العام أو العامل العادى قوت يومه أو قوت عياله، وقام معظم الأثرياء بتهريب أموالهم إلى بنوك أوروبا والشرق الأوسط، وحرم المواطنون من فرص عمل يقيم أودهم، بإعادة استثمار هذه الأموال داخل الدولة.

ومن العوامل التى ساعدت على اتساع الهوة - كما جاء فى التقرير- بين من يملكون ومن لا يملكون سوء توزيع الناتج القومى، انتشار الفساد الاقتصادى والإدارى، بيع القطاع العام وما صاحبه من إهدار المال العام، وزيادة البطالة، وضعف الاستثمار، وضعف التعليم وانخفاض أعداد العمالة المهنية المدربة، واستبدال عمالة بعمالة مدربة غير مصرية بالمصريين وتزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2010 وإهدار أحكام القضاء وآراء محكمة النقض ضاعف من غضب المواطنين، عندما أجريت الانتخابات قبل شهرين من قيام ثورة 25 يناير، وحصل الحزب الوطنى الحاكم على حوالى 97٪ من مقاعد المجلس، أى أن المجلس خلا من أى معارضة تذكر، ما أصاب المواطنين بالإحباط، وجاءت نتيجة الانتخابات مناقضة للواقع فى الشارع المصرى، وأطاح النظام بأحكام القضاء التى قضت بعدم شرعية الانتخابات فى بعض الدوائر الانتخابية، وكانت هناك مؤشرات تؤكد أن الحزب الحاكم يعد العدة لتزوير الانتخابات البرلمانية، وأدى التزوير فى هذه الانتخابات إلى أن يتولى المؤسسة التشريعية أشخاص مطعون فى عضويتهم بغير أن يكون هناك أمل فى تصحيح هذه الأوضاع، ما أدى إلى فقدان الثقة فى إقدام قيادات الحزب الوطنى الحاكم على أى اصلاح سياسى من أى نوع ومن ثم قد تلاشت فرص التطور السلمى فى مصر. فى الوقت الذى كان فيه الشعب يتطلع إلى نقلة ديمقراطية حقيقية. وتعد الانتخابات البرلمانية عام 2010 القشة التى قصمت ظهر البعير، وتحول مجلس الشعب إلى مجرد منتدى يلتقى فيه اعضاء الحزب الوطنى ويديرون حواراً من طرف واحد أشبه بحوار الطرشان الذى أفضت نتائجه المؤلمة إلى ثورة 25 يناير، بعد تقول الفساد السياسى، وغياب العدالة الاجتماعية، وتطبيق الديمقراطية الديكورية التى لم يتفاعل معها الشعب المصرى، وبروز الفوارق الشاسعة بين الطبقات، وتخلى النظام السابق عن مسئولياته السياسية والاجتماعية تجاه المواطنين، وانتشرت الرشوة والمحسوبية حتى أصبحت لغة وثقافة متعارفاً عليها يومياً فى حياة المصريين.

الحالة التى كان عليها البلد بعد 25 يناير ساعدت جماعة الإخوان الإرهابية فى القفز على السلطة وأدارت فيما بينها حوار الخرفان الذى كان سيؤدى إلى سقوط الدولة إلى الأبد، وجاء الإنقاذ بسبب تكاتف الشعب مع الجيش والشرطة، وتم طرد عصابة الخرفان من السلطة.

وتجلت العناية الإلهية عندما وضعت بين يدى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحلول لإنقاذ البلد الذى تسلمه شبه دولة تلاحقها المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وعلى حافة الوقوع فى حزب أهلية، فحوّلها إلى جمهورية جديدة أو دولة المواطنة التى تنعم بالأمن والاستقرار بالجهد الصادق والعمل المخلص.