رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِذَا فَتَحَ اللهُ عَلَيكُم مِصرَ فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُندًا كَثِيرًا؛ فَذَلِكَ الجُندُ خَيرُ أَجنَادِ الأرْضِ» فقال أبو بكر: ولم يا رسول الله؟ قال «لِأَنَّهُم وَأَزْوَاجُهُم فِي رِبَاطٍ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ».

وقديما قالوا عن مصر: بلد معافاة من الفتن، بلد الأمن والأمان، مصر تجد فيها كل العصور وكل الأزمان، بلد السلام لكل الأديان وكل البشر، السياحة لا تكون إلا في مصر الحضارة والمستقبل.

اليوم موعدنا مع الكاتبة السعودية غادة طنطاوى لتحدثنا عن معشوقتها التى وصفتها فى البداية بأنها لوحةٌ فنية ساحرة.. مكتملة الأبعاد.. مترامية الأطراف.. لا يرى أطرافها المتناثرة إلا فنان هائم أو شاعر عاشق.. كل من يراها يقع في حبها.

وتضيف «طنطاوى» مصر مزيجٌ ساحر من عبق الفراعنة، نعيم الحاضر ومجد المستقبل، هكذا هي أرض الكنانة كما عرفتها وكيفما جُبِلَ قلبي على حبها منذ نعومة أظافري، مذ كنت طفلة حبوت على أرضها، ونطقت أولى كلماتي في أحضان أهلها، ترعرعت وكبرت على حب هذه الأرض وشعبها، عرفت معنى مهرجان الألوان، من باعة عربة الفواكه المتجولين في أَزِّقَتِها، وتيقنت أن للذاكرة رائحة، من رائحة البطاطا المشوية ورائحة عصير الجوافة في حواريها، شعبٌ خط التاريخ على تجاعيد وجهه قصصًا زاخرة بانتصارات العبور وشواهد قبور الفدائيين في جنوب سيناء، شوارع عتيقة، اختلطت فيها رائحة ديزل السيارات برطوبة مبانيها العتيقة والشقوق في آثارها التاريخية.

وعلى الرغم من كم المآسي التي مرت عليها، إلا أنك تجد روحك عالقة في سكر حلاوة المولد في يد أطفالها،  لون صفحات الكتب التي تباع على الأرصفة، ابتسامة امرأة عجوز تهديك عقدًا لِلْفُلِ بلا مقابل، الجدية على وجه طبيب، الهمة على جبهة أستاذ جامعي، الأصالة في سُمرَةِ بشرة شبابها، الفرحة في أنوار الشوارع الملونة، بهجة فانوس رمضان والفخر بتاريخ فنار الإسكندرية في عهد البطالمة، أسود صنعت للمجد اسمًا لم يعرفه الإغريق ولا الرومان..!! خَرَّ له الهكسوس وركع له المستعمر الغاشم، شعب يسخر من معاناته ليهديك ابتسامةً تخفف من معاناتك..!! تراب يعلمك المعنى الحقيقي لهوية الأرض، يحميها ألف ملاكٍ حارس يَنظُم أبياتًا لم تعرفها قصائد شعراء لطالما تغنوا بمعنى الحرية.

كبرت أنا، وبقيت تلك الصور عالقة في ذاكرتي، تعلمت أن للهوية أرضًا تحميها، الكرامة عنوان مجد الشعوب، الشباب هم ثروة الوطن، وتيقنت بأن للابتسامة ثمنا و للحرية ضريبة لا يقوى على دفعها إلا صناع الثورة، ولا يجني ثمارها إلا الساسة، والشعب هو الوحيد الذي يضع الحد الفاصل ويعبر بها خط النهاية.

وكيف لي أن أحكي عنك يا مصر..!! وعن أمجادٍ حُفِرَت على بلاط العزيز وأرض طيبة، وعن أمنياتٍ سُجِنَتْ في قلب يوسف..!! هكذا أحببتك.. حلمًا حلمت به في صغري وغدا واقعي، أحببتك خيوط فجرٍ بزغ نوره فوق قمة أهرامك.. شعاع شمسٍ ترقرق على ضفاف نيلٍ شقت صدره مراكب العشاق.. عشقتك خيلًا يجوب صحرائك الجائرة في ليلٍ أدهم تناثرت من ذيله أجمل ذكرياتي، عشقتك أعقاب سجائر ملقاة على قارعة الطريق و رائحة قهوة في ميدان الحسين تراكم البن في قاع فنجانها، عشقتك صفحات جرائد قديمة تفوح منها رائحة المطابع العتيقة، تحكي عن رحلات داخل دهاليز بين القصرين، قصر الشوق والسكرية، قصص توفيق الحكيم، قصائد الأبنودي، مسرح الريحاني وموسيقى عمر خيرت، وعندما نضجت تيقن قلبي بأنك يا مصر كنت للزائرين خير مقام ولبيت المال في صدر الإسلام استقرارًا، وبأن من جاب أرض الله ورأى الناس على اختلافهم أجناسًا، ولم ير مصر و لا أهلها.. فما رأى أرضًا ولا ناسًا.

حفظ الله مصر.

[email protected]