عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

وأنا بتفرج على «مسرح الحياة» متخذا لى مكانا قصيا فى صالة بيتنا، طاف فى خيالى مشهد من فيلم «ابن حميدو»، كان يقول فيه الفنان عبدالفتاح القصرى «هتنزل المرة دى.. إنما المرة الجاية....» ولكن كلمته كانت بتنزل!! وبمناسبة هذه العبارة تذكرت عدة قرارات كانت تتخذها الحكومة زمان منها فرض غرامة على مزارعى الأرز الذين كانوا يزرعون المحصول بمساحات أكبر من المساحات التى كانت تحددها وزارة الزراعة، لأن الأرز من المحاصيل كثيرة الاستهلاك للمياه، وكان يتم تحديد المساحة لتوفير المياه للأغراض الأخرى، أو لباقى الزراعات فى الدلتا، كان المزارعون يتجاوزون كل عام فى زيادة المساحة المزروعة بالأرز، وكانت الحكومة كل عام تعلن عن إعفاء المزارعين من الغرامة بمناسبة الانتخابات، معلنة «سماح المرة دى»، وكل مرة ولم يتم تطبيق غرامة الأرز ولا مرة!!

استقر وضع الأرز، وطفت على السطح مشكلة جديدة هى «التوك توك» أو العفريت أبوثلاثة أرجل كما أطلق عليه أعضاء لجنتى النقل والمواصلات والصناعة بمجلس الشعب عندما تم إدخاله مصر قبل حوالى عقدين، فى البداية كان غير مرحب به، وما بين الرفض والتفكير فى السماح له بالسير، تكاثر «التوك توك» وأصبح من الوسائل المزعجة والخطيرة على الأمن الاجتماعى، وأمن المواطنين، وتركت الحكومة أمر ترخيصه لقرار المحافظـين، بعض المحافظات رفضت ترخيصه وبعضها وافق على تسييره دون رخصة مع عدم السماح له بالسير فى مناطق معينة، وعندما كانت الحكومة تغضب منه أمام الجرائم التى كانت تقع بواسطته كانت تعلن عن أنها لن تسمح باستيراده على أمل أن ينتهى مع مرور الوقت، ولكن بدأت ورش بير السلم تصنعه، ثم فكرت الحكومة بتسيير سيارات «ڤان» أجرة بدلاً من «التوك توك»، ولم تغط هذه السيارات كل المناطق، وانتصر «التوك توك» وأصبح يخرج لسانه فى الشارع للركاب، وللأحياء. كما أصبح يتجول فى أى مكان، لدرجة أن بعض سائقيه يحاولون تشغيله بالنفر، عن طريق رص ثلاثة ركاب على «الكنبة» الوحيدة المخصصة كمقعد للركاب ومن الممكن أن نجد فتاة أو سيدة نفسها راكبة مع شاب أو شابين، ويقوم سائق «التوك توك» بتحصيل الأجرة من الجميع، يعنى المشوار الذى يوازى خمسة جنيهات لراكب واحد يدفع فيه الثلاثة 15 جنيهاً!!

المشكلة لا تكمن فى الأجرة، ولكنها فى أمن الركاب، خاصة الفتيات والسيدات التى قد تفاجأ بأن على يمينها يجلس راكب وعلى يسارها آخر إذا لم تتمكن من الجلوس يمينا أو يسارا على كنبة «التوك توك»!! بعض «التكاتك» أصبحت حاليا تحمل أرقاما، فهل يعنى ذلك أنها مرخصة!! وهل الرقم المعلق على «الكبوت» من الخلف يستطيع الراكب أن يعرف من خلاله سائق «التوك توك» إذا تعرض لمشكلة معه!! حتى «التكاتك» المرقمة لا تقل تخويفا من الأخرى!

الأخطر من تحدى غرامة الأرز وفجاجة «التوك توك»، جاءت مشكلة الدروس الخصوصية، المشكلة بدأت القرن الماضى على استحياء، كنا نرفض ونحن تلاميذ وطلاب الحصول على دروس خصوصية، وكنا نعتبر الذين يحصلون على درس خصوصى فشلة، وبلداء، حتى الفشلة والبلداء كانوا لا يصرحون بحصولهم على دروس خصوصية لأنها كانت من أنواع العيب!! ورويدا رويدا ذاق المدرسون حلاوة عائد الدروس الخصوصية رغم أن عائدها كان قليلا فى السابق ثم زادت وأصبح بعض المدرسين يجبرون التلاميذ على الدروس، ثم يحرضونهم عليها، ويغرونهم، ويضربونهم إلى أن استقر الأمر إلى أن الطلاب أدمنوها ويدفع آباؤهم للدروس الخصوصية حوالى 47 مليار جنيه فى العام، ويستعد أولياء الأمور من بداية إجازة العام الدراسى لحجز دروس العام الجديد لأبنائهم عند «الغول» و«الوحش» و«الغضنفر» و«الملك» إلى آخر الأسماء التى أصبح المدرسون يطلقونها على أنفسهم ومن خلال الإعلانات التى يكتبونها بالخط العريض على حوائط المبانى القريبة من المدارس مع أرقام تليفوناتهم لزوم الزيارة والحجز!

ما زاد الطين بلة أن أوائل الثانوية العامة اعترفوا بأن الدروس الخصوصية وراء تفوقهم ولكن طوال السنوات الماضية كانت وزارة التربية والتعليم تتحدى الدروس الخصوصية وأطلقت عليها «مافيا» وجردت الحملات لضبط «السناتر» واستمر تزويغ المدرسين من المدارس ليضربوا مواعيد للطلاب فى أوكار الدروس الخصوصية.

واقع الدروس الخصوصية تحدث عنه وزير التربية والتعليم الدكتور رضا حجازى أمام مجلس النواب وقال إنه سيعرض على مجلس الوزراء بحث ترخيص مراكز الدروس الخصوصية بعد حوكمتها، وحوكمة مجموعات التقوية بالمدارس بعد تغيير اسمها إلى مجموعات الدعم وإسنادها إلى شركة تديرها بلوائح منضبطة وجودة عالية، وضمان حصول المعلم على أجره بعد كل حصة، كما سيتم منح تراخيص لمعلمى الدروس الخصوصية لضمان بيئة آمنة للطلاب، وضمان حصول الدولة على حقها من عائد الدروس الخصوصية.

بعض الخبراء أيدوا هذا الاتجاه من وزارة التربية والتعليم، قالوا إن إغلاق «سناتر» الدروس الخصوصية لن يعود بفائدة، وترخيصها أفضل بشرط ألا يؤثر ذلك على سير العملية التعليمية فى المدارس بعد وضع مواعيد لبدء الدروس الخصوصية بعد انتهاء اليوم الدراسى وفرض رقابة صارمة على مراكز الدروس الخصوصية، والبعض الآخر يرفضون ترخيص مراكز الدروس الخصوصية، لأن ذلك يعنى اعتراف الوزارة بها بعد أن كانت تطلق عليها «مافيا» وأوكارًا، كما اعتبروا الترخيص للدروس الخصوصية بأنه اعتداء على هيبة المدرسة وإلغاء دورها، واعتداء على مجانية التعليم.

المطلوب من لجنة التعليم بمجلس النواب وهى تعد تقريرها أن تضع كل هذه الاعتبارات أمامها، ومطلوب من مجلس الوزراء أيضاً ألا يخضع لـ«مافيا» الدروس الخصوصية وهو يناقش هذا الأمر، فيجب أن يكون الهدف الحفاظ على هيبة المدرسة وهيبة المعلم وعدم خلق تعليم موازٍ.