رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

الرقابة البرلمانية وردت فى آخر سلطات البرلمان، تبدأ سلطة مجلس النواب فى المادة «101» من الدستور بالتشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، وتنتهى بممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.

يمارس نواب البرلمان الرقابة من خلال تقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة، والاستجوابات وطلبات المناقشة، والاقتراحات برغبة أو بقرار، ولجان تقصى الحقائق، ولجان الاستطلاع والمواجهة. ويعتبر الاستجواب الذى يقدمه العضو إلى رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو نوابهم لمحاسبتهم فى الشئون التى تدخل فى اختصاصهم، هو أعلى أدوات الرقابة البرلمانية، لأنه - أى الاستجواب - ينتهى بطلب سحب الثقة من المستجوب، الدستور أتاح لكل عضو تقديم الاستجواب، ولكن خلال مراحل دستور 1971 وفى ظل سيطرة الحزب الوطنى على الأغلبية البرلمانية حظر على أعضائه تقديم استجوابات إلى الحكومة بدعوى الالتزام الحزبى، وخرج نائب وحيد خلال هذه الفترة عن الالتزام وهو نائب الأقصر طاهر حزين وتقدم باستجواب إلى الحكومة كان له صدى كبير داخل قاعة المجلس، وقرر الحزب الوطنى فصل العضو «حزين» من عضوية الحزب! رغم الحماية التى أعطاها له الدستور فى استجواب الحكومة. واقتصر خلال هذه الفترة تقديم الاستجوابات على نواب أحزاب المعارضة والمستقلين، وكان نواب الحزب الوطنى يخططون لإفشالها عن طريق طلب الانتقال إلى جدول الأعمال.

ثم تدخل مجلس النواب لوضع العراقيل أمام نواب المعارضة والمستقلين فى تقديم الاستجوابات بوضع تفسير لمادة فى اللائحة الداخلية اقتصر على كلمة «أسانيد» فى 17 نوفمبر 2001، يفيد التفسير بأن كله «أسانيد» الحجج والبراهين والمستندات التى يعتمد عليها المستجوب، وعليه أن يرفق على المستندات بالاستجواب، فإذا اقتصر على الإشارة إليها وجب عليه تقديمها قبل تحديد الموعد المحدد للاستجواب بوقت كاف. وتسبب هذا التفسير فى غل يد الأعضاء فى الحصول على المستندات بعضها أو كلها التى تشير إلى الفساد الذى يقع فى وزارة الوزير المقدم له الاستجواب!!

آلية الاستجواب قديمة، فقد كان أول استجواب نوقش فى البرلمان قدمه النائب موسى فؤاد إلى وزير المالية محمد توفيق نسيم فى جلسة 29 أبريل عام 1924 فى عهد الملك فؤاد الأول، حول حجم إنفاق الحكومة المصرية فى السودان. كانت الخزانة المصرية قد صرفت فى عام 1899 وحتى 1912 أكثر من 5 ملايين جنيه لسد عجز ميزانية حكومة السودان وشبكة السكة الحديد والموانئ وساهمت فى إعمار مدينة الخرطوم واعتبرت الحكومة المصرية أن ذلك يعد دينا على الحكومة السودانية ولابد من سداده، وتناول الاستجواب إلى وزير المالية المصرى أسباب عدم تسوية الدين، واكتفى وزير المالية فى رده على الاستجواب بأن الذنب ليس ذنبه!!.

وفى نفس العام قدم النائب السيد فودة استجوابا إلى سعد زغلول رئيس الوزراء حول إجلاء القوات الإنجليزية من مصر، مطالبا بأن يبين رئيس الوزراء خطة الحكومة فى المفاوضات. ورد سعد زغلول على الاستجواب قائلاً: أشك أن يكون ذلك استجواباً لأن الاستجواب يرمى فى الحقيقة لنوع من الاتهام. ومع هذا أجارى حضرة العضو فى اعتباره استجوابا. وفى عام 1937 فى عهد الملك فاروق تم تقديم استجواب إلى مصطفى النحاس رئيس الوزراء بشأن حفل تتويج الملك ليس لمعرفة النفقات التى صرفت على الحفل ولكن بسبب رفض الحكومة إقامة حفل ديني، وعدم وجود تمثيل سودانى فى الحفل، ورد النحاس على الاستجواب أن الحفل الدينى ليس من الدين فى شيء، الاحتفال وطنى لأنه لسائر المصريين مسلمين وغير مسلمين، وأما عن أسباب إقامة الحفل فى مسجد الرفاعى فذلك لوجود رفات الملك فؤاد الأول والد الملك فاروق فى هذا المسجد.

بعد ثورة 30 يونيو، وعلى مدى الفصلين التشريعيين الأول والثانى قدم استجواب واحد عام 2020 من النائب محمد الحسينى إلى رئيس الوزراء ووزيرة الصحة حول تهالك المستشفيات، وركز الاستجواب على مستشفى بولاق الدكرور العام بسبب ضعف الخدمات المقدمة للمواطنين، وانتهى الاستجواب كما انتهت الاستجوابات السابقة منذ عشرات السنين!!

السؤال الذى تلقيته بصفتى عاصرت عدة مجالس برلمانية سابقة كان هل يشهد دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعى الثانى تقديم استجوابات إلى الحكومة، وهل ينتهى هذا الفصل دون استجواب.

لا أملك إلا أن أجيب بأن المادة «130» من الدستور تنص على «لكل عضو فى مجلس النواب توجيه استجواب لرئيس مجلس الوزراء، أو نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، فحتى تقديم الاستجواب متاح لجميع النواب. لكن نجاح الاستجواب غير مضمون!! إلا إذا كان للأغلبية البرلمانية رأى آخر.