رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

كلى أمل أن تصدر وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلانى قراراً بتخصيص العام المقبل 2023، ليغدو عام سيد درويش، ذلك أن هذا الفنان العبقرى الفذ قد رحل عن عالمنا فى مثل هذه الأيام، وبالتحديد فى 15 سبتمبر من سنة 1923 تاركا خلفه عشرات الأعمال الفنية فى الموسيقى والغناء والمسرح والأوبريت، فضلًا عن كونه، وهذا هو الأهم، يعد المجدد الأول فى تاريخنا الموسيقى بامتياز.

بعيداً عن فوضى المعلومات الواردة فى ويكيبديا أو وسائل التواصل الاجتماعى، فإن سيد درويش ولد فى 17 مارس 1892 وفقا للفيلم الذى أخرجه أحمد بدرخان وحمل اسم خالد الذكر، وقد عرض الفيلم فى 1966، وتقمص الفنان القدير كرم مطاوع شخصية سيدر درويش ببراعة مشهودة. وأظن أن هذا الفيلم يقدم أصدق صورة لحياة سيد درويش مرفقة بالمعلومات التاريخية المضبوطة عن ميلاده ووفاته، ذلك أن مخرج الفيلم وبعض صانعيه عاصروا سيد درويش نفسه وربما تعاملوا معه، كما أنهم فجعوا برحيله المفاجئ، فالمخرج بدرخان من مواليد 1909، أى أنه بلغ الرابعة عشرة عند وفاة صاحب نشيد بلادى بلادى.

لم يكن سيد درويش مجرد فنان موسيقى عبقرى فحسب، بل كان معبراً أيضاً أصدق تعبير عن طموحات الشعب وآماله فى التحرر من الاحتلال الإنجليزى، حيث قدم العديد من الأغنيات الوطنية عند اندلاع ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول تلك الأغنيات التى ألهبت حماس الجماهير، وأججت مشاعرهم الوطنية وجمعتها فى بوتقة واحدة، دعنى أذكرك ببعضها: (قوم يا مصري/ أحسن جيوش فى الأمم جيوشنا/ أنا المصرى كريم العنصرين/ سالمة يا سلامة).

بذكاء شديد، وبموهبة خارقة متدفقة حرر سيد درويش الموسيقى من سجن القصور والسرايات التى كان يقطنها باشوات زمان. كانت موسيقى القرن التاسع عشر هذه غارقة فى الرتابة وفقر النغمات، الأمر الذى جعلها لا تلبى أشواق الملايين من المصريين إلى التفاعل والانفعال بموسيقى عصرية تستجيب لأشواقهم فى النهوض والتطور فى المجالات كافة. ولعل ما قاله نجيب الريحانى الذى استعان بسيد درويش ليقدم ألحان بعض مسرحياته يؤكد قوة الشوق المصرى للجديد من النغم. يقول الريحانى عن درويش فى تسجيل إذاعى نادر: (إنه لحن لى رواية استعراضية اسمها «ولو»، وفى اليوم التالى للعرض كانت مصر كلها تردد أغنيتى الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية، ويهون الله ع السقايين اللتين زينتا العرض أمس).

أما الموسيقار الأعظم محمد عبدالوهاب فيصف مشاعره عندما سمع سيد درويش لأول مرة عام 1917، إذ يقول بالنص فى تسجيل إذاعى آخر: (لقيت مزيكته، برغم أنها جديدة، لكن عشرية... كأنها عايشة معايا من زمان... مزيكا لها أب ولها أم... مزيكا بنت حلال).

لكل ذلك أتمنى أن تعمل السيدة الوزيرة على الحفاوة بمئوية سيد درويش منذ الآن.