رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

 

أقولها بيقين كبير: من يفتش بجدية فى سراديب السينما المصرية سيكتشف الأعاجيب، خاصة إذا جرى البحث فى النصف الأول من القرن العشرين، ذلك أن هذه الفترة تحتشد بآراء وأفكار وصراعات بالغة الشدة والعمق انعكست بشكل ما على الإنتاج السينمائى، فمصر فى قبضة احتلال إنجليزى بغيض، وفى الوقت نفسه تستقبل على أراضيها عشرات الآلاف من الجنسيات الأجنبية الذين وفدوا إليها، فعملوا واستقروا وأفادوا واستفادوا. ومصر أيضاً تكافح من أجل نيل الاستقلال الوطنى، وتسعى لإنشاء مجتمع عصرى حديث يشمل الجوانب كافة. وقد ظهر ذلك بوضوح فى العلم والأدب والفن والفكر.

أما السينما فقد كان لها نصيب معتبر من اهتمام المصريين منذ عرض أول فيلم روائى طويل عام 1923، وهو (فى بلاد توت عنخ آمون)، للمخرج الإيطالى فيكتور روسيتو. ثم نأتى إلى الفيلم العجيب (أمينة) الذى كتب قصته يوسف وهبى وعرض قبيل 73 عامًا، وبالتحديد فى 21 سبتمبر 1949 كما ذكر المؤرخ والناقد الكبير محمود قاسم فى موسوعته عن السينما المصرية.

تتجلى غرابة هذا الفيلم فى أكثر من زاوية، فهو إنتاج مصرى إيطالى مشترك، وفى هذا الوقت كان الإنتاج السينمائى المشترك أمرًا نادرًا، على الأقل فى مصر، كما أن المخرج إيطالى الجنسية اسمه جوفريدو ألسندرينى وهو أيضاً من كتب السيناريو والحوار، أما بطلة الفيلم فهى الفنانة متعددة الجنسيات آسيا نوريس (1912/ 1998)، فهى إيطالية وروسية وإنجليزية!

تتصدر الإعلان العربى عبارة (مجد الشرق العظيم مع حضارة العرب يلتقيان فى الفيلم العالمي)، أما أبطال الفيلم فهم، يوسف وهبى بك وسراج منير وسميحة توفيق ورشدى أباظة، وقد كتب فى هذه النسخة اسم يوسف وهبى كبيرًا بالخط الفارسى، ثم أسفله كتب اسم الفنانة الإيطالية بخط أصغر، وتحتهما جاءت أسماء باقى الممثلين بخط صغير للغاية، فى حين صاغوا النسخة الإيطالية من الإعلان بشكل مختلف عن النسخة العربية، فاسم الفيلم هو (PECCATRICE BIANCA)، (لا أعرف معناه)، كما أن الأسماء والقامات انقلبت فى هذه النسخة، إذ إن اسم الممثلة الإيطالية تصدر الإعلان بخط كبير جدًا، بينما هبطت مكانة يوسف وهبى درجات، فكتبوا اسمه بخط صغير تحت اسم النجمة، كما حرموه من لقب (بك).

فى النسخة العربية أيضاً تحتل صورة يوسف وهبى المساحة الكبرى من الإعلان، بينما تتناثر صور بقية الممثلين فى مساحات صغيرة، فى حين أن النسخة الأجنبية ليس بها سوى صورة النجمة الإيطالية فى مشهد ساخن مع رشدى أباظة، ولا وجود ليوسف وهبى على الإطلاق، أو غيره من الممثلين!

وأظن أن هذا هو الفيلم الثانى لرشدى أباظة، إذ لعب بطولة أول فيلم له (المليونيرة الصغيرة) أمام فاتن حمامة عام 1948، ثم تراجع حضوره نحو عشرة أعوام، حيث أسندوا إليه الأدوار الثالثة والرابعة، إلى أن عاد بطلاً مرة أخرى عام 1958 مع فيلم (امرأة فى الطريق).

الطريف أن الإعلان العربى ذكر بالنص: (لأول مرة فى تاريخ السينما المصرية يعرض حاليًا: النسخة العربية بسينما رويال وسينما متروبول/ النسخة الفرنسية بسينما أوديون وسينما النصر). وبالفعل عثرت فى يوتيوب على مشهد صغير لا يتجاوز الدقيقتين يجمع بين رشدى أباظة والممثلة الإيطالية، والحوار بينهما بالفرنسية.

اللافت أن اسم رشدى أباظة فى الإعلان الأجنبى مكتوب بشكل مغلوط، إذ كتبوه هكذا (أزابا)، (AZABA)، وليس (أباظة)، وكعادة يوسف وهبى، فقد أدان فى هذا الفيلم زواج المصريين من الأجنبيات، لأنها غالبًا ما تكون زوجة خائنة كما يزعم، وقد تبنى هذا الموقف فى أول أفلامه (أولاد الذوات) الذى عرض فى 1932، وبالمناسبة، فهو أول فيلم مصرى ناطق.

حقاً... ليتنا نعثر على فيلم (أمينة) ونراه.