رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

تلك من المرات القليلة التى عضضت فيها أصابع الندم، ذلك أننى لم أقم بهذه الزيارة من قبل، إذ اكتشفت كم حرمت نفسى وأسرتى من جمال ساحر يخطف الألباب، والمقصود كما يبدو من العنوان هو أن هذا الندم الجديد مقترن بعدم زيارة مرسى مطروح من ذى قبل، لأن هذه المدينة الساحلية التى تستريح منذ قرون طويلة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط تستحق ألف زيارة وزيارة.

تقع مرسى مطروح فى شمال غرب القاهرة وتبعد عنها نحو 446 كم، ومن المؤكد أن هذه المسافة البعيدة أسهمت فى انصراف الناس عن زيارتها واتخاذها مصيفا لها فى شهور القيظ الشديد، فمن المعروف أن سكان القاهرة وبقية المدن المصرية يعشقون الإسكندرية فى المقام الأول بوصفها أجمل الأماكن الصالحة للاصطياف، ومعهم حق، فالإسكندرية مدينة عتيدة ذات تاريخ زاخر يتجلى فى كل شبر من أراضيها.

ومع، ذلك، فنحن المصريين أهدرنا قيمة مرسى مطروح، ولم نتعامل معها بما يليق بمدينة قائمة منذ آلاف السنين، ففى زمن الإسكندر الأكبر قبل الميلاد كان اسمها «أمونيا»، كم أن العديد من الرجال والقادة والشعراء وفدوا إليها من الغرب واستقروا بها قبل مئات السنين، فمفردة «مطروح» كانت اسمًا أو لقبًا لهؤلاء الرجال، مثل: الشاعر ابن مطروح المصرى الذى عاصر الحملة الصليبية السابعة على مصر بقيادة لويس التاسع عام 1249، وكتب قصيدة مهمة تمتدح بسالة المصريين ضد القوات الفرنسية ونجاحهم فى أسر ملكهم لويس التاسع وحبسه فى دار ابن لقمان بالمنصورة.

فى مطروح لمست الهدوء الجميل على الأرض وفى البحر، فعدد سكان هذه المدينة نحو 476 ألف نسمة فقط وفقا لتعداد 2020، وأظن أن الذين يفدون إليها من أجل الاصطياف لن يتجاوز نصف مليون، وبالتالى نحن نتعامل مع مدينة مصرية ساحلية لا يتجاوز عدد المقيمن فيها فى أشهر الصيف المليون إنسان، وهو أمر بالغ الأهمية، ففى مرسى مطروح أنت تتعامل وجها لوجه مع الطبيعة البكر فى أصفى حالتها، وهذا ما نحن محرومون منه خاصة سكان القاهرة الذين يدورون فى طاحونة يومية قاسية بحثا عن لقمة العيش!

تحتشد هذه المدينة الصغيرة بأماكن ومعالم مهمة، فهناك متحف رومل، القائد الألمانى الشهير الذى أقام وجنوده بمرسى بمطروح قبل أن يقهره القائد الإنجليزى الماكر مونتجمرى فى معركة العلمين عام 1942، كذلك هناك شاطئ وحمام كليوباترا، الملكة المصرية القديمة ذات السمعة المدوية التى مازال اسمها يتردد من قرن إلى آخر، ولا يمكن أن ننسى شاطئ عجيبة الذى يتعانق فيه البحر والجبل فى مشهد خلاب.

أما شاطئ الغرام، فهو الشاطئ الذى شهد تصوير الفيلم الجميل «شاطئ الغرام» الذى أخرجه بركات عام 1950، ولعب بطولته كل من حسين صدقى وليلى مراد، وفيها ترنمت السيدة ليلى بأغنيتها المشرقة «باحب اتنين سوا»، وفيها تقول أيضا «يا ساكنى مطروح... جنية فى بحركم/ الناس تيجى وتروح وانا عاشقة حيكم».

تمتاز مياه البحر فى مطروح بالنقاء المذهل، فهى صافية بلورية منعشة هادئة، أما الرمل فأبيض يسهم فى تعزيز شعورنا بأننا نسبح فى بحر فريد استثنائي، وقد لاحظت التطويرات الهائلة التى شهدها الطريق من القاهرة إلى مطروح، وإن كان ينقصه الكثير من اللافتات الإرشادية، أتمنى أن تزود بها هذه الطرق سريعًا، كما ينقص شواطئ مطروح بعض الخدمات المهمة ليتهم يعملون على توفيرها.

أما ما لفت انتباهى بشدة، فهو وجود العديد من الشباب القادم من القاهرة وغيرها للعمل فى مطروح، وهو أمر طيب يؤكد حرص الشباب المصرى على السعى بجدية وراء الرزق.

مرسى مطروح مدينة ساحرة... تستحق ألف زيارة وزيارة.