عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

امتلكت مصر في الماضي خصائص فريدة جعلتها صاحبة حضارة خالدة على مرّ العصور، فكان لها الفضل على كل حضارات العالم القديم، بعبقرية الإبداع، حيث ارتكزت على «الإنسان» الذي كان مؤهلًا للنهوض بعبء هذه الحضارة.

كان الإنسان المصري «القديم» واثقًا من قدرته على الريادة والتميز، ولهذا أطلق على نفسه: «شعب السماء»، أو «شعب النيل» الذي «خُلق من دمع العين»، وكل ما عداه من شعوب الأرض «خُلقت من سائل مهين»!

إن شعبًا امتلك كل مقومات البناء المادي والمعنوي، كان لابد أن تأتي إبداعاته على مستوى ما تهيأ له منها، ولكن: ماذا أصاب هذا الإنسان، وماذا حلَّ به، وماذا طرأ على شخصيته من تغيّرات في تركيبتها الاجتماعية، لتتبدل معها طبائعها وسماتها التي تميَّزت بها على الدوام؟!

لقد شهدت السنوات الأخيرة سلوكيات متغيِّرة، بدتْ على كثيرٍ من المصريين في تعاملاتهم اليومية، ليصبح العنف «سمة بارزة»، ويتَجَاوَزَ الودّ والتسامح كل صورة نمطية، كما غابت الرحمة بمعانيها الحقيقية!

ربما يكون العنف الراهن ـ الذي تزايدت وتيرته مؤخرًا ـ حصيلة عوامل مجتمعية واقتصادية وثقافية سلبية، تراكمت على مدى سنوات، كنتيجة طبيعة لخلل فكري يتنافى مع الفطرة السويَّة، وإفرازات سيادة أجواء الجهل.

نعم، أصبحنا نعيش في مرحلة ما بعد الانحطاط، أفرزت جيلًا بائسًا، انهارت قيمه، وغابت قدوته، وشاعت في جوانبه كافة الأشكال السلبية والفردية والأنانية والتواكل والقسوة والميل إلى العنف.

تلك السلبيات تجسَّدت بوضوح في بشاعة الصور التي رصدتها أعين الناس وعدسات الكاميرات، لجرائم قتلٍ وذبحٍ أمام المارَّة، وجثث ملقاة على قارعة الطريق، وتوثيق لحظات وحشية، ومشاهد عبثية مروعة تُدمي القلوب، ويندى لها جبين الإنسانية!

إذن، هناك حقيقة لا تقبل الشك أو الاحتمالات، وهي أنه عندما يتجرد البعض من آدميتهم، ويتساوى عندهم الخطأ والصواب.. الخير والشر.. الحق والضلال، تتبلَّد مشاعرهم وتموت إنسانيتهم، وتذهب مروءتهم إلى غير رجعة!

خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة، تابعنا بقلوب يعتصرها الألم، جرائم بشعة ومروّعة، أدمت القلوب، وفاقت حدود اللامنطق، لتتخطى كل القيم الإنسانية.. فهل أصبحت الدماء مستباحة والأرواح رخيصة إلى هذا الحد من الجنون غير المحتمل؟!

أخيرًا.. لعل الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الحد المتفاقم من العنف، كثيرة ومتعددة، ما قد يُهدد الأمن القومي والسلم الاجتماعي، وربما الوجود المادي للدولة ذاتها، ولذلك نحتاج ـ أكثر من أي وقت مضى ـ إلى علاج جذري، وهُدنة مع العنف، لأن ما جرى ويجري ليس سوى بداية لكارثة أكبر، وخطر يتهددنا جميعًا.

فصل الخطاب:

يقول الدكتور مصطفى محمود: «إذا أردتَ هدم حضارة أمة فهناك ثلاث وسائل هي: هدم الأسرة، هدم التعليم، إسقاط القدوة والمرجعية».

[email protected]