عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

من العنف الأسري و«حبة الغلة»، مرورًا بالابتزاز الإلكتروني والضائقة المالية والاضطرابات النفسية، وليس انتهاءً بالاضطهاد والوحدة والعُزْلة.. تعددت الأسباب والدوافع، لكن النهاية واحدة!

الانتحار.. أصبح «ظاهرة»، تخطت «حزام الأمان» حتى وصلت إلى «حزام الخطر»، وتزايدها في الآونة الأخيرة، يثير المخاوف بشأن زيادة معدلاتها، إضافة إلى تضخيم تأثير نشر تلك النوعية من الأخبار، خصوصًا عندما يترك المنتحرون وراءهم رسائل مؤثرة توثِّق الفاجعة!

ونظرًا لتداخل عوامل فكرية ونفسية واجتماعية، تتعلق بـ«ظاهرة» الانتحار، فإن تحليلها والبحث في أسبابها يحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ وبحثٍ دقيق من الاختصاصيين، لا أن يكون حديث العامة، صباحًا ومساءً، عبر «السوشيال ميديا»!

المؤسف أن الكثيرين انشغلوا بجدلية «الحلال والحرام»، في توصيف الانتحار، بعيدًا عن جوهر الموضوع، ولم يلتفتوا إلى أن تفاقم «الظاهرة» يعد بمثابة جرس إنذار للمجتمع، بعد أن طرأ كثير من المتغيرات السيكولوجية على الشخصية المصرية «المحافظة والمتدينة بالفطرة»!

أَنْ يُقْدِم العشرات على الانتحار، في فترات زمنية متقاربة، فذلك أمر يستحق التدقيق بشكل معمق، وألا تمر تلك «المصائب» مرور الكرام، فما يحدث يصعب أن يكون مصادفة، أو نتيجة لسوء أوضاع معيشية، أو ضبابية الحاضر والمستقبل.. وبالطبع ليس تشابهًا في نمط التفكير والسلوك!

أما إذا اعتبرنا أن الصدمة تكمن في تلك الأعداد الكبيرة والمتزايدة، خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى شيوع الإقدام على الانتحار «بطرق تقليدية وغيرها»، فإن الكارثة الحقيقية هي اعتبار هؤلاء المنتحرين، الذين تم الكشف عن هوياتهم وأعدادهم، هم إجمالي الحالات التي حدثت بالفعل؛ لأنه قد يوجد آخرون لم يتم الكشف عنهم، أو تم إنقاذهم من موت محقق!

إن الانتحار خطيئة كبرى، تعد من كبائر الذنوب، وتتعلق بسلوك عدواني، يرفض الحياة، أو التصالح مع النفس، وغالبًا ما يكون بسبب اليأس من الحياة، أو الفقر، أو المرض.. أو غير ذلك، كأسباب ظاهرية في كثير من الحالات التي وقعت بالفعل، إلا أن الواقع يشير إلى أن المنتحر قد وصل إلى قناعةٍ بأنه سيُريح ويستريح.

وفي ظل غياب الشفافية وحرية تداول المعلومات، وكذلك عدم وجود أرقام حقيقية ترصد «الظاهرة»، نتصور أنه لا يمكننا التعاطي بسلبية، أو سطحية، مع موضوع الانتحار، أيًّا كانت مسبباته وظروفه.. فالأمر برمَّته كارثة حقيقية، تستوجب مواجهتها بكثير من المسؤولية الإنسانية على أقل تقدير.

أخيرًا.. نعتقد أن الانتحار أصبح «ظاهرة» كارثية، تحتاج إلى معالجة مجتمعية، شاملة وحقيقية، لمنع هؤلاء الذين يهربون إلى الموت، بالبحث عن سببٍ للحياة!

فصل الخطاب:

يقول الروائي بهاء طاهر: «عندما تقرر الانتحار تكون وقتها قد مت بالفعل.. ما ينقذونه بعد ذلك لا يكون هو أنت، ولكن جثتك».

 

[email protected]