رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

 

 

 

فى مثل هذا اليوم 6 يونيو من سنة 1983 رحل محمود المليجى، أشهر (شرير) فى السينما المصرية، وأفضل ممثل مصرى وعربى كما أعلن ذلك يوسف وهبى فى حوار تليفزيونى قديم، فمن منا لا يحب محمود المليجي؟ ومن منا لم ينفعل بأدائه المدهش، سواء كان مجرمًا شرسًا يمكر ويخطط ليوقع بالطيبين، أو طبيبًا نفسيًا مسالمًا يعالج مرضاه بحنان، أو فلاحًا أصيلا يواجه بعناد جبروت البكوات والطغاة؟ أو «معلمًا» شعبيًا يطارد الجميلات بإلحاح مزعج؟

أظنك تعرف أن لمحمود المليجى رصيدًا عامرًا فى بنك الفن، ربما لا يضاهيه فى ضخامته أحد، فقد تقمص الرجل مئات الشخصيات على شاشة السينما، وفوق خشبة المسرح، وأمام ميكرفون الإذاعة وعلى شاشة التليفزيون، فى كل هذه الوسائل يتألق المليجى بصوته وجسده ومشيته ونظراته ولفتاته وسكتاته وصلعته وباروكاته، يتألق حتى يصدقه المشاهد أو يكاد، فيتفاعل معه وينفعل بحضوره الطاغى الجميل.

ولد محمود المليجى فى 22 ديسمبر 1910 فى حى المغربلين بالقاهرة، وهو حى شعبى عتيد، وما أن بلغ مبلغ الرجال حتى هام بالمسرح وفنونه، فانضم إلى عدة فرق مسرحية، حتى تتلمذ على يد عزيز عيد، (رائد الإخراج المسرحى فى مصر)، وقد تحدث عنه المليجى كثيرًا بإعجاب فى حواراته الإذاعية والتليفزيونية، فمن حسن الطالع أن الفنان القدير ترك لنا العديد من اللقاءات التى أجريت معه، فتعرفنا على قبسات مهمة من سيرته الذاتية، وأتذكر أننى شاهدت هذه اللقاءات فى حينها عندما كانت تذاع طوال فترة السبعينيات. (هناك لقاء طويل رائع للمليجى مع طارق حبيب فى برنامج أوتوجراف).

(الزواج) هو أول فيلم يشارك فى بطولته محمود المليجى، والفيلم عرض فى 29 يناير 1933 بسينما أمريكان كوزموجراف بالقاهرة كما ذكر الناقد والمؤرخ محمود قاسم فى موسوعته المهمة عن السينما المصرية المعنونة باسم (دليل الأفلام فى القرن العشرين فى مصر والعالم العربي).

تعال نطل سريعًا على إعلان هذا الفيلم، لنقرأ الآتي: (شركة فاطمة رشدى السينمائية تقدم لجمهورها الكريم رواية الزواج... متكلمة... موسيقية... غنائية باللغة العربية. وهى رواية أخلاقية مصرية تبحث فى موضوع الزواج وما ينتج عنه من الضرر لأسرنا الشرقية من محافظتها على التقاليد القديمة التى تهدد كيانها. تأليف وإخراج وتمثيل كبيرة ممثلات الشرق السيدة فاطمة رشدى. صورت الرواية في: ستوديو ليسيا فيلم بفرنسا، ستوديو مدريد فيلم بأسبانيا، ستوديو كوداك بمصر). أرأيت كيف كانت الدعاية للأفلام فى الأيام الخوالي؟.

بالنسبة لى أرى المليجى فنانا متفردًا بشكل مدهش، لذا سأذكر لك بعض الأفلام المنسية التى تجلى فيها بصورة غير مسبوقة، لتكتشف كيف تمكن هذا الرجل من حصد كل ورود الإعجاب بتمثيله من جميع الشعوب العربية.

خذ عندك أفلام (العقاب)، و(الإيمان)، و(اشهدوا يا ناس)، و(المتهم)، هذا غير أفلامه المشهورة التى سعد الناس برؤيتها فى القرن الماضى، وما زالوا يسعدون، أمثال: (من القلب للقلب/ الوحش/ رصيف نمرة خمسة/ غروب وشروق/ الأرض) وغيرها.

أتذكر أيضًا أننى رأيت محمود المليجى مرة فى صباح خريفى عام 1982، حيث كنت طالبًا بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، إذ لمحته وهو يغادر العمارة التى يسكن بها فيما أظن عند نهاية شارع المعهد السويسرى. اقتربت منه وصافحته بأدب. كان يرتدى «تيشرت» بنصف كم مخططا بالعرض بألوان زرق وبيض، ويحمل على كتفه حقيبة قماش صغيرة. ربما كان متوجهًا إلى النادى. سرت بجواره نحو ربع ساعة وأنا أغمره بأسئلتى عن السينما وأحب أفلامه إلى نفسه، فكان يجيبنى بحنو وهدوء، ذاكرًا (الأرض) و(غروب وشروق)، و(المبروك).

أجل... محمود المليجى ممثل متفرد لا شبيه له فى تاريخنا الفنى... فما أجمله من فنان.