رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

نعيش الآن تحديين من التحديات المهمة، الأول خاص بتداعيات فيروس كورونا، والثانى خاص بالأزمة الروسية الأوكرانية، هذان التحديان خلقا أربع أزمات متضافرة، تعلقت بارتفاع مستويات التضخم العالمى لأعلى مستوياته منذ عقود بل قرون، وأيضًا ارتفاع أسعار الطاقة بشكل غير مسبوق، كذلك زيادة حدة التأثير الضار على المناخ العالمى، صاحبه وجود أزمة فى الغذاء وسلاسل التوريد العالمية.

وما يجب علينا أن نبدأ به هو ضرورة معالجة مسألتين، هما البيئة والتنمية الاجتماعية كدعامتين منفصلتين من دعائم التنمية المستدامة، وذلك للحد من الفقر وهو أمر يتطلب وضع سياسات خاصة تقتنص الفرص وتتصدى وتمتص التحديات، من خلال إدماج عنصر البيئة والتنمية الاجتماعية والعمل اللائق والحياة الكريمة لضمان الانتقال إلى التنمية المستدامة والتماسك الاجتماعى والاستقرار المجتمعى.

ولا شك أن الإفراط فى استخدام الموارد الطبيعية وارتفاع مستويات التلوث والتى تجاوزت الحدود الكونية، سوف يكون بلا شك عبئا على الوضع البيئى ينتج عنه لرتفاع التكاليف اللقتصادية واللجتماعية والتى قدرتها إحدى الدراسات بلنخفاض ٣٪ من الناتج الإجمالى العالمى، وانخفاض الاستهلاك العالمى من ٥-٢٠٪ خلال الـ ٢٠ سنة القادمة، مع توقع أن يكون متوسط الأضرار السنوية ٢٦ تريليون دولار، وفى الجانب الآخر ارتفاع غير مسبوق فى تكاليف الرعاية الصحية وتوقع اصابة ٤٠٠ مليون نسمة بالملاريا حتى عام ٢١٠٠ ودخول ٢ مليار نسمة فى دائرة الفقر.

لذلك وجب علينا أن نؤكد أن الاقتصاد الأخضر هو إحدى الأدوات الهامة لتحقيق التنمية المستدامة، حيث ينتج خيارات لمتخذ القرار وليس من المفروض أن يكون مجموعة من القواعد الجامدة، لأنه يسهم فى القضاء على الفقر وزيادة معدلات النمو لتحسين احوال المعيشة، فمنذ حوالى نصف قرن وتحديدًا منذ انعقاد المؤتمر الأول للأمم المتحدة بشأن البيئة عام ١٩٧٢ تلاحظ أن عدد سكان العالم قد تضاعف، وفى المقابل نجد زيادة فى حجم الاقتصاد العالمى خلال نفس الفترة إلى أكثر من ثلاثة أضعاف. نظريا مفترض أن يؤدى ذلك إلى تقليل معدلات الفقر وتحسين مستويات المعيشة على مستوى العالم، ولكن عمليا تبين أن عوائد النمو الاقتصادى لم تكن موزعة توزيعا عادلًا بين السكان، والأخطر فى ذلك أن الزيادة المحققة فى حجم الاقتصاد العالمى فى نصف القرن الماضى جاءت على حساب البيئة التى تضررت تضررًا كبيرًا وبتكلفة باهظة.

وإذا استمر هذا الوضع فلن نستطيع تحقيق معدلات عالية ومستدامة من النمو الاقتصادى، وسيؤدى تغير المناخ فى الأجلين المتوسط والطويل إلى زيادة فى متوسط درجات الحرارة العالمية، تتراوح بين ٣-٥ درجات بحلول عام ٢٠٥٠، مع تغيرات فى نظم تساقط الأمطار وزيادة فى منسوب مياه البحر وهو ما نلاحظه الآن.

ما نؤكد عليه فى هذا المقال أن البلاد ذات الدخل المرتفع هى أكثر البلاد تسببا فى التلوث البيئى خلال نصف القرن الماضى، ويقدر بعشرة أضعاف ما تسببت فيه البلاد النامية، ورغم ذلك فإن البلاد النامية هى التى تعانى بعشرة أضعاف ما تعانيه البلاد المتقدمة من البطالة والفقر والافتقار إلى الحماية الاجتماعية التى يمكن أن تساعدها على امتصاص الصدمات الاقتصادية والبيئية، مثل قلة المحاصيل الإستراتيجية وارتفاع اسعار المواد الغذائية.

ما سبق يستدعى أن نشير إلى أن المشروع القومى المصرى، مشروع حياة كريمة، الذى تقدر تكلفته المبدئية بـ٩٠٠ مليار جنيه، سيساهم فى تمكين هذا المفهوم الخاص بالوظائف الخضراء، لأن الوظائف لا يجب أن تكون خضراء فقط، بل لائقة أيضًا، أى وظائف منتجة وتوفر حماية اجتماعية كافية وتحترم حقوق المواطن فى ظل حياة كريمة للجمهورية الجديدة.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام