رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

كثيرون مرُّوا على أرض فلسطين، بدءًا بالفراعنة والآشوريين والبابليين، ثم شعوب البحر والفرس والعبرانيين والرومان والبيزنطيين والمغول والفرنجة، وليس انتهاءً بالعثمانيين والفرنسيين والبريطانيين والصهاينة.. لكنها احتفظت لنفسها دائمًا بهويتها الإسلامية والعربية.

في قلب فلسطين مدينة، كانت وستظل مسرحَ النُّبُوَّات ومهبط الرسالات السماوية، وزهرة المدائن وأعظم مدن العالم قداسة.. هي أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومعراج النبي الخاتم محمد، وقيامة المسيح، عليهما السلام.

تلك المدينة كانت وستظل رمزًا للتسامح والمحبة، وعاصمة للإنسانية، وبوابة الأرض إلى السماء، وموضع أنظار البشر منذ أقدم العصور، والموقع الذي ترنو إليه جميع الأمم والحضارات.. السابقة واللاحقة.

مدينةٌ كانت وستظل ملكيَّة ثمينة، تمثل معقلَ المرابطين الأبرار، ورمزَ الصمود والمقاومة، والبقعة الغالية التي يتنازع الجميع حولها وعليها ومن أجلها، منذ فجر التاريخ.

ورغم أنها هوجمت وحوصرت واستُعيدت عشرات المرَّات، لكنها في كل مرة تصمد أمام أي محاولة لتغيير خصائصها وحيويتها، لأن أبناءها يرضعون الذاكرة مع حليب الأمهات، ويعيشون على الدوام معركة وجودٍ ووعي.

أبناء تلك المدينة يَتَحَدُّون الصِّعاب دائمًا.. يحملونها في قلوبهم، ولا يفوِّتون أي فرصة لافتدائها بأرواحهم ودمائهم، رغم أن ما يجري فيها ليس سوى حرب على السيادة والحق الأزلي في الوجود، والاستمرار على هذه الأرض المباركة.

إنها مدينة «القدس» التي تتحطم على أسوارها وجدران أقصاها الأسير، مخططات التهويد وطمس الهوية، لتذيقَ جيش الاحتلال ومستعربيه ومستعمريه الهزائم المتتالية، مُجْبَرًا على التراجع والاندحار.

ورغم تكرار محاولات الصهاينة وسلطات الاحتلال «الإسرائيلي» تغيير أو طَمْس هويتها، إلا أن ما يقدمه المقدسيون على مدى عقود، من ثباتٍ ومقاومةٍ، يؤكد أنهم أحرار صامدون ضد كافة أشكال الحصار والمنع والقمع والاعتقالات والقتل والحواجز.

وكما في كل مرة يَتَجَبَّر فيها الصهاينة بالبطش والتنكيل، يسطر المقدسيون ملحمة العزة والكرامة والكفاح، في وجه أكثر احتلال عنصري على وجه الأرض، مكذبين «نبوءة» ديفيد بن جوريون «الكبار سيموتون والصغار سينسون».

إذن، علينا تلقين أجيالنا الجديدة استحالة طَمْس الهوية الفلسطينية أو تهويد القدس، رغم دأب الاحتلال في الاستيطان لتغيير الواقع العمراني والاجتماعي والديمغرافي، وكذلك محاولاته تغيير المناهج الدراسية لإعادة صياغة جديدة لتاريخ القدس.

أخيرًا.. ستظل قضية فلسطين العادلة، راية كاشفة وبوصلة هادية للأمة، لكشف وفضح المؤامرات التي تستهدف خنْق أصوات الشرفاء ومحو ذاكرتهم وكسر مقاومتهم، كما ستظل القدس عربية القلب واللسان والوجدان والتاريخ والجغرافيا، رغم أنف المُطَبِّعين والمتخاذلين والمتواطئين والمنبطحين.

فصل الخطاب:

يقول محمود درويش: «كلما خُيِّل لنا أن فلسطين انتقلت من مكانتها المقدسة إلى السياق العادي، تُفاجئنا بقدرتها الفذة على إيقاظ معناها الخالد ـ بِبُعْدَيْهِ الزمني والروحي ـ من سباتٍ تاريخيٍّ عابر».

[email protected]