رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

 

 

 

علينا الاعتراف بصراحة بأننا لا نولى فكرة (التوثيق والأرشفة) ما تستحقه من اهتمام، لأننا فى الأغلب، وللأسف الشديد، لا ندرك قيمة التوثيق والأرشفة وضرورتهما فى التطور والنهوض بالأمم، خاصة فيما يتعلق بتوثيق الفنون والآداب وأرشفتهما، ولعل أبرز مثالبنا فى هذه المسألة هو ما يرتبط بالسينما المصرية، فالدولة المصرية لا تملك أرشيفا بالأفلام التى أنتجناها، بمعنى أنها لا تملك نسخا من تلك الأفلام، علمًا بأننا أنتجنا نحو ثلاثة آلاف فيلم فى القرن العشرين وحده.

أردد هذا الكلام بعد أن باتت المسلسلات التليفزيونية طعامًا شهيًا لوجدان الملايين منذ بدء الإرسال التليفزيونى فى مصر يوم 21 يوليو 1960، أى أننا ننتج مسلسلات على مدار ما يزيد عن ستين سنة، فهل نملك أى دليل أو مرجع أو موسوعة مدوّن بها هذه الأعمال؟

أظن أن الإجابة بالنفى، وهو أمر مؤسف، لأن الدراما التليفزيونية صارت ديوان الحياة المعاصرة كما وصفها الناقد الراحل الدكتور عبدالقادر القط، فهذه المسلسلات تقدم لنا (صورة) فنية شبه واقعية عن أحوال مصر فى أكثر من نصف قرن، والمقصود بمصر ليست القاهرة فقط، بل جل محافظات مصر، لأن الدراما اقتحمت حياة الفلاحين والصعايدة وأهل البحر وسكان البادية وحاولت تجسيدها على الشاشة وفق منطق فنى، بعضه كان ممتعًا ومتقنا، والآخر جاء باهتا مملا، ومع ذلك ينبغى أن نوثق هذه وتلك، لنعرف أنفسنا، كيف كنا وكيف صرنا، حتى نتمكن من صياغة صورة مستقبلية قابلة للتحقيق... صورة أكثر عدلا وجمالا وإنصافا.

أكاد أجزم أن فى حوزة التليفزيون المصرى، ثم شركات الإنتاج الخاصة بعد ذلك ما يربو عن 2000 مسلسل، شارك فى إنجازها آلاف من الممثلين والفنيين، فأين هو الدليل الذى يرشدنا إلى تلك المسلسلات؟ أذكر جيدًا أننى كنت أشاهد المسلسلات بشغف مدهش منذ منتصف الستينيات، وكان كل مسلسل آنذاك يتكون من سبع حلقات، ثم ارتفع الرقم إلى 13 حلقة مع السبعينيات، ثم تأرجح بين 15 و18 حلقة فى الثمانينيات، ومع التسعينيات شاهدنا المسلسل الممتد إلى ثلاثين حلقة، ثم توالت السنون لنتابع المسلسلات ذات الجزأين ثم الثلاثة ثم الخمسة، بحيث تصل عدد حلقاته مجتمعة إلى 150 حلقة!

هل تعلم مثلا أن النجم الأشهر عادل إمام له مسلسلات لم تسمع بها الأجيال الجديدة مثل (آدم وحواء والشيطان)، و(الرجل والدخان)، و(الفنان والهندسة)، وكلها عرضت فى نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات؟ وقد شاهدتها آنذاك، فكيف نؤرخ لمسيرة عادل إمام ونحن لم نر تلك الأعمال؟ وهذا أشهر نجم، ومازال بيننا، فليحفظه الله، فما بالك بالنجوم الأوائل الذين غادرونا، ولعل عبدالغنى قمر أحد أبرز هؤلاء، فهو بطل المسلسل الشهير (الضحية) الذى عرض عام 1964 فأهاج خيال الناس وأسعدهم؟

لا ريب فى أن قناة (ماسبيرو زمان) التى انطلقت قبل سنوات أسهمت فى اكتشاف الكثير من الكنوز المنسية فى عالم الدراما، لذا أرجو أن يصدر قرار على أعلى مستوى بالعمل على توثيق جميع المسلسلات التى أنتجها التليفزيون على مدار تاريخه العامر، على أن يشمل هذا التوثيق اسم المسلسل وتاريخ عرضه أول مرة، وأسماء جميع العاملين فيه، وهل عرض مرة ثانية أم لا؟ وهل تم بيعه لقنوات عربية أخرى ومتى؟ إلى آخر ما يحتاجه التوثيق الدقيق الشامل.

من حسن الحظ أن الناقد والمؤرخ السينمائى الكبير محمود قاسم استطاع بمفرده أن يوثق الأفلام المصرية فى القرن العشرين، وأصدرها فى كتاب ضخم عام 2002، شملت أسماء الأفلام ونجومها ونبذة قصيرة عن مضمون كل فيلم، وقد أخبرنى أنه عكف على هذا العمل لمدة سبع سنوات، فمتى نرى الدراما التليفزيونية موثقة فى كتاب؟.