رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

ما أن يبدأ رمضان الكريم حتى تطاردنا الجمعيات والمؤسسات الخيرية بوابل من إعلانات استثارة رغبة فى التبرع للخير لدى المواطنين مستغلة الروح والهمة العاليتن فى الشهر.

وتتفنن هذه الإعلانات فى اقتحام «جيب» المتلقى ,وإفراغ ما فيه بزعم الحصول على الثواب العظيم والاجر الهائل عن طريق عرض بعض المشاهد لبسطاء يحصلون على طعام ويدعون للمتبرع فى ذلة وإنكسار تتنافى- بلا شك- مع فكرة ستر الفقير والحفاظ على كرامته, ومتعارضة مع حديث- لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه-, وتاركة أثرا سيئا على متلقى الصدقة وأهله من بعده.

والغريب أن من يقوم بذلك بعض المشايخ الذين يمتلكون قنوات فضائية حيث يرى واقفا على مكان مرتفع ومن تحته أصحاب الحاجات يقفون فى صفوف متراصة يحدهم حبل -للحفاظ على النظام وعدم مضايقة الشيخ- وتسلط عليهم الكاميرا لتوضح معالم وجوههم, وتظل كذلك طوال فترة الإعلان الذى يستغرق وقتلا طويلا, حتى أن بعضهم لم يتحمل الموقف فغطى وجهه بيده.

التبرع لصالح مؤسسات تعمل فى علاج وإطعام وكساء الفقراء، واجب دينى واجتماعى, بل إنه يجب أن يكون مستمرا طوال العام, ولكن المتبرع يدفع أمواله أملا فى أن يستفيد بها الفقراء، وليس لكى تنفقها المؤسسة فى صورة إعلانات.

ويبدو أن نجاح فكرة التبرع بالالحاح, أغرى جمعيات ومؤسسات كثيرة لانتهاج نفس الطريقة، لتستدر عطف المصريين الذين يفضلون إخراج زكاة أموالهم والإكثار من فعل الخير طوال هذا الشهر, وهذه الجمعيات والمؤسسات تعلم أنها تستطيع أن تجمع فى هذا الشهر ما لا تستطيع أن تجمعه فى غيره.

ومن المؤكد أن الحملات الإعلانية الضخمة على مدى شهر رمضان ليست مجانية, فلكل إعلان تكلفة إنتاج ضخمة، خاصة أن هذه الجمعيات لجأت لشركات إعلان كبيرة ومعروفة فى السوق، كما أن البث فى القنوات الفضائية يحسب بالدقيقة التى لها ثمن غال، ومعظم المؤسسات تعلن فى أوقات المشاهدة العالية.

المشكلة الحقيقية أننا شعب طيب ومتساهل، وسريع التأثر, فيبادر باقتطاع جزء من ماله لصالح هذه المؤسسات, ولكن الغالبية منه شعرت بالاستفزاز من هذه الإعلانات التى بدت كأنها فى سباق، وتساءلوا عن مصادر تمويلها فمن حق المجتمع أن يعرف مصير أموال المتبرعين

وتؤكد الدراسات النفسية أن مثل هذه الإعلانات أثرت سلبًا على المواطن المصرى، بإظهار النواحى البائسة من المجتمع على الرغم من وجود ملايين الصور المضيئة، وكانت الإصابة بـ»الاكتئاب» هى أكثر ما رصدته الدراسات نتيجة مشاهدة مثل هذه الإعلانات، فى ظل الضغوط الاقتصادية التى يعانى منها المواطنون فى مصر.

والحقيقة المؤلمة أن المؤسسات الخيرية لا تغرم جنيهًا واحدًا، وكذلك الوكالات الإعلانية نظير إنتاج هذا النوع من الإعلانات، فالإنفاق يكون على تصوير الإعلان مقابل نسبة من التبرعات، وقد تتجه الشركات الاستثمارية غير الخيرية لمثل هذا النوع كما حدث عندما بثت إحدى الشركات الكبرى إعلانا استخدمت فيه فنانة مشهورة وخيرت المستهلكين للتبرع لبناء مدارس أو ملاعب أو سد حاجة الفقراء من الطعام، وبلغت قيمة التبرعات أرقاما ضخمة، وزعت بين الشركة والوكالة الإعلانية ومؤسسة خيرية.

والأعجب من ذلك أن هناك جمعيات كثيرة غير مشهورة تعمل فى صمت وتقدم نفس النشاط الاجتماعى والإنسانى وربما أفضل وأكثر، وتنال ثقة المتبرع دون إعلانات مستفزة ومضيعة للأموال ومخالفة لشرع الله فى الحفاظ على حقوق الفقراء.

و يبقى السؤال البديهى لماذا أنفقت هذه الجمعيات أموال المتبرعين على الإعلانات؟

اتقوا الله ولا تلبسوا الحق بالباطل.

[email protected] com