رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إذا قررت أن تكتب فلتعلم كيف يكون وقع كلماتك وأفكارك فى متلقيك.. إياك أن تجعلهم يهربون.. يتململون.. يشردون.. عليك أن تتعلم كيف تجذبهم إليك.. إلى بستانك الذى يجدون فيه أنفسهم أو يحاولون ذلك.. إذا حدث ذلك عند الكاتب فقد نجح وكتب لنفسه البقاء.. وليعترف المتلقى بجمال تلك الكتابات ومن ثم يقرر بشكل قوى أنه لابد أن يستفيد مما يتلقاه.. أقول ذلك بمناسبة أننى تلقيت مجموعة قصصية من الكاتبة الجميلة (حنان عزيز) بعنوان (الخروج إلى الشرفة).

إن أهم ما تجده فى قصص حنان عزيز سمة جمالية قوية.. إنها القدرة على الجذب والاستسلام الممتع لسلاسة العبارة إلى زخم المشاعر والمعانى والادراكات التى تستقيها من خلال القراءة..هو أمر نادر.. نادر أن تجد مثل تلك السمات والخصال.. والمذهل أن تلك السمات الجميلة تتضح وتتألق وتتراقص من أول مجموعة قصصية للكاتبة.. أمر ملفت بكل المقاييس.. هذا إن دل يدى دلالة لا ريب فيها أننا أمام درجة عالية من الإبداع المجسد.

إن الإبداع الحقيقى ليس فى حاجة إلى اللهاث الكثير من اجل لفت الأنظار إليه أو إثبات لوجوده..وهو أيضا لا يتسول من المتلقى الاعتراف بوجوده..الإبداع الحقيقى لديه القدرة أن يندفع داخلك دون أدنى ممانعة وهو يخترقك ليستقر فى وجدانك،فلا تشعر إلا بالذهول والدهشة والابتسام..الإبداع الحقيقى يولد فى داخلك درجة عالية من الفرح والرضا.

فى المكحلة..تدخل إليها لا لتسرد لك وإنما عن طريق (الاستبطان الذاتي) تدخل الذات كى تقوم بسرد كل شئ بمجرد النظر إلى هذه (المكحلة)..ولحظة موت الجدة..تجسد كل شئ، لكى تعرف حقيقة الحب الذى ولد قويا رغم كل المعاندة والمكابرة..تموت الجدة..لكن فى الوقت نفسه يولد الحب..والبطل هنا هو المكحلة!

كيف يمكن أن تجمع الذات بين الانفتاح والانطلاق ، وبين الأسر والقيد والسجن ؟ ثم لمن يا ترى تكون الكلمة الأخيرة ؟

ويتصدر المجموعة مقدمة رشيقة جامعة تتسم بالعمق والنفاذ إلى جوهر مجموعة (الخروج إلى الشرفة).. وهى للمبدع المعروف والمتميز والمتألق دوما فى المحافل الثقافية انه (شعبان يوسف).. وهذا كفيل عندما تجده فى أى إصدار أن يجعلك تدخل إلى العمل لتتناوله بالقراءة والتحليل فهو لا يقبل إلا على ما هو متميز..لذلك فإن.. حنان عزيز.. محظوظة ومتميزة باعتراف (شعبان يوسف).

ولعل أهم ما نلاحظه فى تلك المجموعة هو امتلاك (حنان عزيز) القدرة على توظيف السؤال..والدهشة..والتعجب.. هى لا تسرد هى لا تنقل..هى لا تستخدم التقرير.. ولذلك تجد أنك دوما فى حالة من التيقظ والانتباه إلى لحظات السرد لكى تكتمل الرؤية لديك فيما تتلقاه..هى طريقة جميلة وأداة ثمينة امتلكتها.. حنان عزيز.. لذلك جاءت المجموعة الأولى لها قوية مؤثرة وننتظر لها المزيد.

يمكن مثلا أن نقف عند ذلك السؤال.. لماذا، حين يحب المرء، يترك المحبوب يده ويطمئن إلى أن ذلك الحب أبدى؟.. من هذا السؤال.. تبدأ القصة لنكتشف الحقيقة المذهلة.. إن الذات وقعت فى الخداع.. وتتغير أشياء كثيرة.. ولكن بعد أن ضاع الكثير.. والكثير.. وتقف علامة (لماذا) شاخصة ممشوقة متحدية.. وقد تعيش باقى العمر فى محاولة لاهثة للإجابة عن (لماذا) ولكن لا إجابة.. وعليه ربما تدخل الذات فى دهاليز الضياع والانتهاء إن لم نقل الموت.. هذا ما يمكن أن نلتقطه من قصة (أمطار صيفية). تحية للكاتبة، مع أمنياتى لها بالمزيد من الإبداع.

---

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال – أكاديمية الفنون