رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

تكشف الأحداث السياسية والاقتصادية المتلاحقة التى يمر بها العالم فى الفترة الأخيرة عن زيف الكثير من المفاهيم التى حاولت آلة الإعلام الغربية وخطابها السياسى ترسيخها فى أذهان بقية شعوب العالم ذلك لأن هذه المفاهيم لم تصمد أمام اختبارات الواقع وثبت عدم جدواها فى الأزمات الناشبة فى مختلف بقاع العالم شرقه وغربه اغنياؤه وفقراؤه.

فى مقدمة هذه المفاهيم ما جرى صكه وترويجه طيلة عقود حول حرية التجارة والأسواق وتوازن العرض والطلب واليد الخفية التى تعيد تنظيم الأنشطة الاقتصادية على نحو يحقق مصالح الجميع حتى أطلق على العصر الحالى بانه عصر «الماركتنج» أى عصر التسويق والبيع وإعطاء قيمة لأشياء لا قيمة حقيقية لها بفضل الإعلانات وعروض الشراء وغيرها حتى بات كل شىء بمثابة سلعة لها ثمن وسوق وعرض وطلب بغض النظر عن أية أبعاد إنسانية أو اجتماعية

كل ذلك سقط فى اليوم الأول لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وشهدنا جميعا كيف حظرت دول تصدير منتجاتها وداست على مفهوم حرية التجارة بالحذاء وصادرت دول رأسمالية كبرى ممتلكات أشخاص وشركات وداست على مفهوم قدسية الملكية الخاصة بالحذاء أيضا وأصبحت البراجماتية هى سيدة الموقف ومصالح الشعوب والحكومات تعلو على أى مبادئ سبق استخدامها لتحقيق ذات المصالح بطريقة ناعمة وكانت تبدو أخلاقية حينها.

من هنا يجب الانتباه فى ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التى تمر بها بلادنا ويدفع ثمنها الفقراء قبل الأغنياء إلى زيف تلك المفاهيم وعدم الارتكان إليها أو التعلل بها فى التعامل مع الأزمة الراهنة نظرا للظروف الاستثنائية التى فرضتها الحرب.

لذلك يجب أن تمتد يد الدولة الطويلة للأسواق تعيد تنظيمها على نحو يخدم جموع المواطنين وتضرب الاحتكارات بكل قوة مهما كانت طبيعتها ومهما كان هؤلاء المحتكرون وتفكيك شبكات المصالح التى تأسست على أوضاع سابقة ويحرص المستفيدون منها على استمرارها فى هذه الظروف أيضا لا يجب الانصياع لفكرة «تسليع» كل شىء فليس كل شىء سلعة.

التعليم ليس سلعة والخدمات الصحية ليست سلعة والثقافة والإعلام ليست سلعة هذه خدمات وحقوق إنسانية بالدرجة الأولى وبقدر ما تفيد المواطن الذى يحصل عليها بكفاءة وجودة بقدر ما تفيد الوطن ذاته فالانفاق على التعليم والصحة والثقافة والإعلام هو استثمار وطنى بالدرجة الأولى ويصون الأمن القومى للبلاد وينتج كوادر بشرية مؤهلة تتمتع بصحة جيدة ووعى حقيقى وتجعل هذا المواطن فى حد ذاته حائط صد ضد أى مخاطر خارجية أو إعلام مضاد مؤدلج وممنهج ويلعب على نقص المعلومات من جهة وعدم كفاءة الخدمة الإعلامية الوطنية من جهة ثانية

فى الأزمات الكبرى تزداد الحاجة إلى تصحيح الأوضاع المختلة وإعادة الأمور إلى نصابها والعودة إلى بديهيات علم الاقتصاد وفى مقدمة هذه البديهيات أنك لن تستطيع أن تبيع شيئا فى وطن غالبية سكانه فقراء وأن الإنتاج المحلى صناعيا وزراعيا هو الأمان الحقيقى لأى شعب والاعتماد على الذات هو السبيل المضمون للنجاة.

«الماركتنج» ليس حلا لانه وباختصار لم يثبت أنه حل مشكلة لأى شعب قبلنا.