عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

على مدار اليوم، تصلني عشرات الرسائل، عبر الهاتف أو على حساباتي بمِنَصَّات التواصل الاجتماعي، غالبيتها معلوم من القرابة والصداقة والزمالة بالضرورة، وبعضها عشوائيٌّ طُفيليٌّ مجهول النسب والهوية.

وبعيدًا عن الرسائل اليومية المعتادة صباحًا ومساءً، أو المُعاد توجيهها في أيام الجمعة والأعياد والمناسبات، إلا أن بعضها لا يخلو من سخافات وسذاجة مثل: «ابعتها لكل إللي عندك وأنا أولهم».. «ما كانت عندك، أبعتهالك تاني ليه؟!».

هؤلاء الذين يحاولون «نشر الخير ونيل الثواب» ـ وفقًا لقاعدة «الدَّالّ على الخير كفاعله» ـ لا يملون من الإلحاح والإصرار، ترغيبًا وترهيبًا: «انشرها بارك الله فيك.. أرسلها لـ10 أشخاص وستسمع خبرًا يسرّك».. «لأنِّي أحبك، أرسلها لأصدقائك وجميع من عندك بقائمة الاتصال، النتيجة مجربة وإيجابية بإذن الله».. «لا تجعلها تقف عندك، هناك كثيرون أهملوها فزادت حياتهم بُؤسًا وشقاءً»!

لعل أكثر ما أزعجني مؤخرًا، رسالة أحدهم «الخيِّرة»، التي قَضَّت مضجعي وأفزعتني من نومي، بعنوان «لا يخدعنَّكم المخادعون»، مُذَيَّلَةً بجملة «انشرها بارك الله فيك؛ لأن الناس لا يفقهون دينهم ولا يعقلون واقع حياتهم»!

رسالة لا أعلم إن كانت موجَّهَة أم عشوائية، تُعيد نشر فتاوى قديمة تستند إلى أحد الأحاديث النبوية، على وَقْع موجات الغلاء المتتالية التي طالت كل شيء، للدلالة على أن رفع الأسعار «قرار إلهي، وينبغي على الناس التعلق بالله والدعاء»!

اللافت في الرسالة أنها تبرر الغلاء «من منظور شرعي»، وأن الحل والعلاج يكمن فقط في «التوبة والاستغفار والتوكل على الله؛ لأن ارتفاع اﻷسعار بسبب ظلم العباد، وانخفاضها قد يكون بسبب إحسان بعض الناس»!

لم أستطع إرسالها، كما طُلب مني؛ لأنه لو كانت الأمور بتلك البساطة، لما وُجدت أزمات أو مشاكل أو منغِّصات، ولكان شُغلي الشاغل في الحياة هو تأليف ونقل وإرسال الرسائل، ليلًا ونهارًا، كي يزيح الله البلاء والغلاء!

نتصور أن مواجهة الجشع وارتفاع أسعار السلع والخدمات، لا يكون بنصيحة هؤلاء المتواكلين، أو برسائل مصحوبة ببعض آيات أو أحاديث، خارجة عن سياقها، لأن الدِّين لم يُختزل في عبارات يتناقلها الناس عبر مواقع التواصل.. فالدِّين في الأساس عبادات ومعاملات وأخلاق وسلوك، ولا يمكن تسطيح رسالته أو منهجه على هذا النحو العبثي الرديء!

أخيرًا.. رسالتي التي أرجو أن ترسلوها إلى أحبائكم: إن جوهر الدِّين يتطلب العمل الجاد والكفاح والتخطيط السليم والاجتهاد والاعتماد على النفس والأخذ بالأسباب، لا أن نعتمد على الرسائل «الافتراضية» أو العشوائية أو الكسل والتواكل.. تلك الظواهر السلبية التي تتسبب في تراجع الأمم وتخلفها، وتقف عائقًا أمام تقدمها وتطورها.

 

فصل الخطاب:

يقول «المتنبي»: «أغَايَةُ الدِّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم.. يا أُمَّةً ضَحِكَتْ مِن جَهْلِها الأُمَمُ»!

[email protected]