عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

 

(عن رابعة العدوية هذا الإنشاد، والمنشأ فى قصة رابعة العدوية فيه خلاف، تاريخ المنشأ فيه خلاف، وكذلك بعض الأقوال لها كان عليها بعض خلاف، أما الشيء الثابت دون خلاف، أن العدوية كانت أسطورة... أسطورة أنجبها تاريخ البصرة).

هذا ما كان يردده كل ليلة بصوته الرخيم الفنان خالد الذهبى على خشبة المسرح القومى عام 1980، وهو يلعب دور الراوى فى مسرحية (رابعة العدوية) التى كتبها المؤلف المسرحى المتفرد الأستاذ يسرى الجندى.. الذى رحل يوم 9 مارس الجارى عن عمر يناهز 80 عامًا، فهو من مواليد 5 فبراير 1942.

أذكر جيدًا هذه البداية فى المسرحية التى مازلت أحفظها حتى الآن، إذ كنت ساعتها عضوًا فى نادى المسرح المصرى الذى أسسته السيدة سميحة أيوب مديرة المسرح القومى آنذاك، وكانت قد خصصت بعض قاعات المسرح للشباب أعضاء النادى العاشقين أمثالى للمسرح وفنونه. فى ذلك الزمن بلغت قيمة الاشتراك السنوى فى النادى أربعة جنيهات فقط، حيث كنا نتلقى محاضرات نظرية فى علم الإخراج والتمثيل، يلقيها علينا أساتذة كبار أذكر منهم الدكتور نبيل منيب الذى أخرج مسرحية (القصة المزدوجة للدكتور بالمي) التى كتبها الإسبانى أنطونيو باييخو وترجمها الدكتور صلاح فضل، ولعب بطولتها عزت العلايلى ومحسنة توفيق وتوفيق الدقن.. كذلك أعطانا الفنان عبدالغفار عودة عدة محاضرات مهمة عن تاريخ المسرح ومدارسه.

شارك فى تأسيس هذا النادى مع السيدة سميحة أيوب متخصصون متميزون فى دنيا المسرح، أذكر منهم الدكتور فوزى فهمى والدكتور سمير سرحان والدكتور أسامة أبوطالب والأستاذ صفوت شعلان وغيرهم، وقد انضممت إلى عضويته يوم 20 أكتوبر 1979، أى بعد أسبوع واحد فقط من بداية الدراسة فى كلية الفنون الجميلة بالزمالك، حيث كنت طالبًا جديدًا فى قسم إعدادى فنون.

مع مطلع عام 1980 رأيت الأستاذ يسرى الجندى للمرة الأولى فى المسرح القومى، حيث بدأ المخرج شاكر عبداللطيف إجراء البروفات على المسرحية الجديدة ليسرى الجندى وهى (رابعة العدوية)، وكان يساعده شقيقه الأصغر الفنان شريف عبداللطيف، أما أبطال المسرحية فهم: سميحة أيوب ويوسف شعبان ورشوان توفيق ونبيل الدسوقى وناهد سمير وإحسان شريف ومحمود الزهيرى وحمزة الشيمى ووحيد عزت وفريدة مرسى وعبدالغفار عودة ورشدى المهدى، أما الألحان فكانت للفنان عمار الشريعى، والغناء للمطرب الشاب ساعتها على الحجار. وهكذا وجدتنى كل ليلة أجلس فى الصالة أتابع بشغف لا حدود له البروفات حتى بت أحفظ النص أو أكاد.

أجل... بهرتنى اللغة الشاعرية التى كتب بها يسرى الجندى تحفته هذه، فتفاعلت معها وانفعلت بها، وفى إحدى المرات سألته بإعجاب: (كيف تصوغ هذه الحوارات بتلك اللغة الرائقة يا أستاذ يسري؟)، فابتسم وقال لي: (ثقف نفسك وتزود بالكثير من الشعر)، ورغم أننى لم أكن من الشعراء، إلا أننى من الغاوين، فقد ولدت فى أسرة عاشقة للفن والإبداع بشكل عام، وللشعر بشكل خاص، الأمر الذى عزز لديّ شغفى بالشعر من امرئ القيس والمتنبى حتى شوقى ونزار وصلاح عبدالصبور وحجازى ومحمود درويش.

من المفارقات المدهشة فى بروفات (رابعة العدوية) أن السسيدة سميحة أيوب كانت تلعب دور رابعة، فى الوقت نفسه هى مديرة المسرح، فإذا جاء مشهد لم تكتمل ديكوراته وإكسسوارته انفعل المخرج بشدة، فتتوقف السيدة عن التمثيل وتسأل، وهى فوق الخشبة، عن السبب وتحتد على المقصّر، وهكذا... تتنقل سميحة هانم من رابعة شهيدة الحب الإلهى إلى المديرة الحازمة عاشقة عملها.

أما الأستاذ يسرى الجندى، فكنت ألمح الوميض يشرق من عينيه من فرط السعادة وهو يتابع الأداء الرفيع لكوكبة الممثلين الكبار وهم يرددون كلماته فوق الخشبة المقدسة.