رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

منذ عقود، والدعوات تتصاعد للمطالبة بإصلاح جذرى لهيئة الأمم المتحدة، ولطريقة التصويت فى هيئاتها المختلفة، وبسعى ينهض مرة ويختفى مرات، إلى حجز مقعد دائم للقارة الأفريقية ودول ما اصطلح على تسميته العالم الثالث فى مجلس الأمن الدولى، الذى يضطلع، طبقا لميثاق هيئة الأمم المتحدة التى تشكلت فى العام 1945 وبتوافق دولى، بمهمة حفظ السلم والأمن الدوليين. لكن هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على سلطة القرار الدولى وعلى توجهه، وحتى على اختيار الأمين العام للهيئة الدولية، قد حالت دون ذلك، وقمعت فى المهد، دعوات مماثلة لنقل مقرها من نيويورك، إلى إحدى الدول الأوروبية المحايدة. 

واستنادا إلى سياسة البحث الدائم عن عدو، لم تكف الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عن شن الحروب العدوانية، وهى تكذب وتزور الحقائق وترفع رايات الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتحمى عدوانها بالفيتو الذى تملكه هى وحلفاؤها الغربيون. وما حروبها فى فيتنام والعراق وأفغانستان وسوريا، وفلسطين، فضلا عن الاغتيالات والانقلابات التى نهبت عن طريقها موارد وثروات دول أمريكا الجنوبية، سوى فيض من غيض تلك الحروب. وهى المسئول الأول عن إشعال الحرب الأوكرانية الراهنة، بعد أن دفعت روسيا الاتحادية دفعا نحو خوضها، برفض الاستجابة لمطالبها الأمنية المشروعة فى تحييد أوكرانيا، التى تتشارك مع حدودها بأكثر من أربعمائة كيلومتر، بالإضافة إلى التداخل فى اللغة والثقافة والتاريخ والمذهب الدينى. 

يكثر الحديث الآن عن أن أحد أهم النتائج المحتملة لتلك الحرب، هو بزوغ نظام عالمى جديد، يحد من سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، على القرار الدولى، وينشئ نظاما متعدد الأقطاب، ويبرز قوى جديدة آخذة منذ زمن فى التشكل، كان من بين ملامحها التحالف الصينى - الروسى الذى بات يلوح منذ زمن على خريطة السياسة الدولية، ويؤثر على مسارها، بتشكيل مصالح اقتصادية وسياسية خارج النفوذ الغربى الأمريكى والأوروبى. 

 وما التحريض الأمريكى لأوكرانيا ومدها بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة المتطورة، وغمرها بالأموال والمرتزقة، لمواصلة الاستمرار فى الحرب، سوى عرقلة تلك القوى الجديدة من التقدم، حتى لو كان الثمن، التضحية بأوكرانيا، لأن الهدف الأمريكى الأصلى، هو حصار روسيا وعزلها والحيلولة دون عودتها لتبوؤ موقعها كقوة عظمى. وقد تمادى هذا الهدف فى المبالغات حتى المطالبة بإخراجها من مجلس الأمن الدولى، وجرها للمحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب، وتملكها الصلف والغرور، فلم تتورع عن التحريض على قتل بوتن والدعوة لعزله عن منصبه! 

عاد رئيس الوزراء البريطانى «بوريس جونسون» حليف واشنطن الوفى، من جولته الخليجية الأخيرة صفر اليدين. فمجموعة أوبك بلس التى تقودها دول مجلس التعاون الخليجى وروسيا، لا تزال تتمسك بما يلزمه بها اتفاق المجموعة، ورفضت طلبه بزيادة إنتاج ما تضخه من النفط للسوق العالمى، لمنع ارتفاع سعره. وتلك نتيجة أخرى من نتائج الحرب. ففى الرياض وأبو ظبى، تحدثت لغة المصالح. فارتفاع أسعار النفط سيدر فوائض مالية هائلة للدولتين، ولا مصلحة لهما فى زيادة الإنتاج الآن. 

كشفت الحرب للشعوب كافة، زيف القيم الديمقراطية التى تتتشدق بها الدول الغربية، بحجب وسائل الإعلام الروسية، والتضليل الدعائى والإعلامى، وبشن حرب سيبرانية على المواقع الروسية، وحجب وسائل التواصل الاجتماعى والتكنولولجيا الرقمية وتسييسها، وهو ما دفع روسيا الاتحادية إلى البدء فى البحث عن بدائل، بإنشاء وسائل جديدة للتكنولوجيا الرقمية تحمى مصالحها ومصالح شعبها، وهى خطوة سبق للصين القيام بها. وتلك واحدة أخرى من أهم نتائج الحرب. 

نظام عالمى جديد على وشك التشكُّل، فهل ينهض العرب للمساهمة بدور فيه حفاظا على مصالحهم؟