رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

لم يكن إنشاء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية مطلع ستينات القرن الماضى بمعزل عن المشروع الوطنى الطموح لدولة يوليو، بل ربما يمكن اعتبار هذا التأسيس الذى تم على أيدى العمالقة عبد الملك عودة وحامد ربيع وزكى شافعى وبطرس غالى تجسيدا حيا لرغبة الدولة الوطنية الصاعدة فى صياغة مشروع فكرى نهضوى عبر منبر أكاديمى متخصص فى علمى السياسة والاقتصاد اللذين يعتبران جناحى أى إستراتيجية عامة يمكن أن يتبناها أى نظام سياسى لديه طموح بتغيير الواقع الاجتماعى فى بلاده إلى الأفضل.

من هنا تأتى أهمية الكتاب الذى أصدره الصديق الدكتور على سليمان أحد أبرز خريجى الكلية العريقة ووكيل وزارة الاقتصاد الأسبق عن صفحات من مسيرة رواد الكلية الذى رصد فيه محطات المسيرة ورحلة رموز تلألأت فى سماء الوطن والعمل العام على مدار أكثر من نصف قرن.

ويبدو أن روح التأسيس وطموح الآباء المؤسسين انتقلت لطلاب هذه الكلية الذين ما إن دلفوا من أبوابها وانخرطوا فى الحياة العملية حتى لعبوا أدوارا فى غاية التأثير فى مسيرة الوطن فقد كانوا بحق جيل آمن بأن الطريق إلى نهضة الوطن هو فى الدراسة والتحليل العلمى لقضايا المجتمع وتقديم النصح والمشورة والعمل على إدارة السياسات العامة ومرافق الاقتصاد القومى والعمل فى الإعلام والدبلوماسية والمعلوماتية.

لذلك جاء الكتاب راصدا للنجاحات التى حققها خريجو الاقتصاد والعلوم السياسية فى مرحلة فارقة من تاريخ مصر والأمة العربية سواء على صعيد تولى مواقع المسئولية الوزارية أو على صعيد العمل التنموى بكل تنويعاته فى البنوك والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية أو حتى على صعيد الإنتاج الفكرى والعلمى الذى صاغ ما يمكن اعتباره نواة أول مركز للتفكير فى المنطقة ساعد دون شك متخذ القرار السياسى على ترشيد قراراته وتوجهاته فى اللحظات الحرجة التى مرت بها البلاد على مدار العقود الماضية.

وبعيدا عن قائمة الأسماء التى تضمنها الكتاب والتى تعد بمثابة قائمة شرف لهذا المعهد العلمى المعتبر فإن تجربة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية تستلزم التوقف عندها بالفحص والدرس ليس لأنها كانت ولاتزال فريدة فى تخصصها العلمى والمستوى الأكاديمى لخريجيها بل لأنها تعكس صفحة من تاريخ مصر فى صعودها وانكسارها خلال النصف الثانى من القرن العشرين وكيف كانت تعبيرا عن تحولات اجتماعية كبيرة تجرى فى ربوع الوطن بعد أن أتاحت لأبناء الفلاحين من قرى مصر ونجوعها أن يطرقوا أبواب الدبلوماسية المصرية التى كانت حكرا على أبناء الطبقات العليا وأتاحت لابن فلاح فقير من إحدى قرى المنوفية أن يجلس بجوار هدى ابنة جمال عبد الناصر فى المدرج بل يعطيها خطابا لتوصيله لوالدها رئيس الجمهورية ليحل له مشكلة انقطاع مكافأة التفوق التى كان ينفق نصفها على دراسته ويبعث بنصفها الثانى إلى أبيه الفقير فى المنوفية كى تساعده على تعليم بقية إخوته الصغار علما بأن هذا الابن المتفوق ابن الفلاحين صار فيما بعد نجما فى سماء مصر وعميدا للكلية.. تحية تقدير للدكتور على سليمان على هذا الجهد الفكرى المحترم.