رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

على فكرة

ما كادت صحيفة الشرق الأوسط تنشر نص المقابلة التى أجراها ولى العهد السعودى «محمد بن سلمان» الجمعة الماضية، مع مجلة «ذى اتلانتيك» الأمريكية، حتى قامت الدنيا ولا تزال قائمة. فما الذى قاله الأمير فى حديثه، فأشعل الحماس فى المنطقة العربية، وزاد من وتيرة البحث والتعليق من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية الأمريكية والاوروبية، ومراكزها البحثية والإعلامية؟

لعل كثيرين مثلى فى المنطقة العربية، قد راقتهم لغة التدفق التى تحفل بالصراحة والثقة بالنفس ،التى تحدث بها الأمير الشاب (37عاما) ردا على اسئلة المجلة. وتكشف الإجابات عن الحجم الهائل للمشروع الإصلاحى الذى يقوده الأمير على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتراثية والعقارية والرياضية، طبقا لرؤية تم دراستها وتخطيطها لمستقبل بلاده فى العام2030، تنقلها من نسبة نمو حالية 5,6% إلى 10%، ويجدد بها الخطاب الفكرى للإسلام، بما ينصفه ممن شوهوه، ويحرره من الخرافات التى يلصقها به دعاة التطرف والفساد والإرهاب، لتبرير انحرافهم، وقد ساعدته دراسته الجامعية للحقوق، لكى يناقش ويجادل بعلم وعمق فى أصول الدين والشريعة، لكى لا يرهبه أحد دون علم باسم الدين، لعرقلة مسيرته الإصلاحية.

لم ينكر الأمير فى حديثه أن هناك  فى الداخل والخارج من يناوئون رؤيته، لكنه استطاع بروية وذكاء ومعرفة، أن يتجنب شراك مناوئيه حين اختار كما قال « الضرر الأصغر بدلا من الضرر الأكبر»، والتعلم من أخطاء سابقيه، ووضع الثروة السعودية فى مكانها الصحيح. وكان طبيعيا والحال هكذا أن يقوده ذلك إلى النجاح فى أن يستثمر بوعى، طموح غالبية الشعب السعودى وتوقه نحو النهضة والرقى والمنافسة بشروط العصر، لوضع تلك الرؤية موضع التنفيذ، لاسيما وغالبية السعوديين من الشباب المتعلم الذى ناصر رؤيته، ويلتف بشغف حولها لإنجاحها.

ليس سرا أن العلاقات بين السعودية والإدارة الأمريكية تمر بمرحلة فتور، فقد رفضت المملكة مؤخرا ضغوط واشنطن وحلفائها لرفع إنتاج النفط، وتمسكت باتفاق أوبك بلس الذى وقعته مع 23 دولة بينها روسيا عام 2016 لضبط الأسعار فى سوق النفط العالمية. كما أن إدارة بايدن قد أوقفت بيع الأسلحة للتحالف العربى فى اليمن، وفى سياق برنامجها الممتد من عهد أوباما، لدعم حركة جماعة الإخوان وأنصارها، رفعت الحركة الحوثية من قائمة الإرهاب، وهى تسعى لإعادة الاتفاق النووى مع إيران، دون مراعاة لمصالح دول الخليج وأمنها، وهواجسها من المشروع الإمبراطورى الطائفى الذى تتمسك به إيران.

وحين يقول الأمير لسائليه، إنه غير مهتم بأن يعرف بايدن أشياء لا يعرفها عنه، وأنه ليس لأحد الحق فى التدخل فى شئون بلاده الداخلية، وأن ممارسة الضغوط لم تجد نفعا على مر التاريخ، فهو يبعث برسالة للمؤسسات الأمريكية ولكل من يعنيه الأمر، أن المملكة العربية السعودية بالأمس، ليست هى اليوم، وأنه آن الأوان لكى تنظر إدارة بايدن إلى حجم الاستثمارات السعودية فى أمريكا التى تصل إلى 800 مليار دولار، إذاكانت تحرص على مصالحها. وهو تذكير مسئول وضرورى، بأن الخفة التى كانت تتعامل بها واشنطن مع السعودية، وكل الدول العربية لم تعد مقبولة، وأن العلاقات بين الدول تقوم على الندية وتبادل المصالح ولا تقوم على سياسة الإملاءات، وأن المملكة تملك من القدرات ما يمكنها من الدفاع عن مصالحها.

تأسست المملكة العرببة السعودية قبل 300 سنة، وها هو أميرها الجسور الواثق الخطى ينفذ رؤيته للبناء الثانى للمملكة. ومن يريد أن يتأكد فعليه العودة إلى تفاصيل الحوار، ليكتشف حجم التغيير الذى حدث فى 7 سنوات، ليمحو عن السعودية ماضيا ثقيلا، ويقفز بها إلى المكانة التى تستحقها فى مصاف دول العصر.