رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

الاقتصاد الوطنى ومعة الشعب المصرى أصبح فى قلب العاصفة.. عاصفة الأزمة العالمية أزمة الحرب والتضخم وزاد عليها فوضى السوق المحلية وانفلات الأسعار دون أى مبرر أو منطق إلا منطق الكسب الحرام واستغلال الثغرات وغياب الرقابة.

عشرات الملايين من المواطنين يكابدون الآن أزمة معيشية طاحنة، بل إن هناك من يبشرنا بأن الأسوأ لم يأت بعد، لذلك من المهم الآن أن ننسى السؤال غير المنتج عن السبب فيما يحدث فى الأسواق، ونسأل السؤال الجوهرى ماذا نحن فاعلون شعبا وحكومة حتى نجتاز هذه الفترة الصعبة على الجميع؟

بداية، الأزمات غير التقليدية تقتضى معالجة وحلولا غير تقليدية وازمتنا الراهنة غير مسبوقة أزمة معقدة ومركبة وذات أبعاد اقتصادية واجتماعية، وتسبب أعباء لجميع الأطراف، بدءا من الموازنة العامة للدولة وانتهاء بميزانية أى بيت فى مصر، لذلك حانت لحظة الصراحة والمكاشفة.

لابد من حدوث تدخلات مخططة ومبرمجة من الدولة للتعامل مع الأزمة، بهدف التخفيف من آثارها كمرحلة أولى، ثم طرح سياسات بديلة تؤمن الاحتياجات الأساسية للشعب وفقا لمستويات الدخول السائدة. هذه التدخلات فعلتها الكثير من الدول ومن ثم يصبح الإسراع بها من باب الفريضة الوطنية حتى لا تتفاقم الأزمة ويصبح علاجها أكثر تكلفة فى المستقبل.

أول هذه التدخلات يتمثل فى ضرورة التصدى للفوضى الجارية فى الأسواق وتوحش حفنة من التجار لا يردعهم ضمير أو قانون، حتى أصبحت احتكاراتهم تتحكم فى أى سلعة وحتى أصبح قانون العرض والطلب ذاتة غير ذى بال، وإلا كيف نفسر ارتفاع أسعار سلع محددة فى توقيتات محددة فى كافة مناطق الجمهورية، دون الأخذ فى الاعتبار اختلاف الطلب على ذات السلعة أو توافر كميات من المخزون من منطقة جغرافية لأخرى.

إنها الاتفاقيات الاحتكارية التى تجرى ليل نهار ويدفع ثمنها المواطن الغلبان، لذلك على الحكومة أن تبحث عن آلية لكسر وحصار هذه الاحتكارات، فهذا دورها وواجبها الاخلاقى والقانونى، بعيدا عن دعوات ترشيد الاستهلاك أو تخزين السلع.

ثانى هذه التدخلات يتضمن ضرورة تحمل الموازنة العامة جانبا من فاتورة الأزمة. صحيح أن هذه الخطوة سوف تزيد من أعباء وعجز الموازنة، لكن للضرورة أحكام ونحن فى زمن الحرب والشدة وفى قلب العاصفة.

لذلك من المهم فى هذه الفترة عدم زيادة أسعار الوقود تماشيا مع زيادة أسعار النفط عالميا، لأن الإقدام على خطوة زيادة أسعار الوقود خلال الاجتماع القادم لآلية تحديد الأسعار، من شأنها أن تؤدى لاشتعال الأسعار، وهو أمر أصبح غير محتمل لغالبية الشعب، كذلك قد يكون من المفيد خفض سعر ضريبة القيمة المضافة التى يتم تحصيلها على السلع والخدمات أو على الأقل توسيع نطاق الإعفاء من هذه الضريبة مؤقتا لبعض السلع الضرورية، حتى يمكن فرملة الصعود المتواصل فى الأسعار.

صحيح أن وزارة المالية تخطط لجمع أكثر من تريليون جنيه ضرائب وجمارك، وتشكل ضريبة القيمة المضافة النسبة الأكبر من هذه الموارد، إلا أن استمرار ارتفاع الأسعار يهدد بضرب الاستهلاك، ومن ثم سوف تتراجع المبيعات التى يتم على أساسها سداد ضريبة القيمة المضافة، أى أن وزارة المالية سوف تواجه الموقف بشكل أو بآخر ومن ثم من الأفضل أن تبادر هى باتخاذ الخطوة التى سيكون لها مردود كبير ماديا ومعنويا للناس، وتشعرهم أن الدولة تمد يدها وتبذل ما تستطيع للتخفيف عنهم، بل وتضحى بجزء من مواردها لتحسين حياة الناس، لأن خفض هذه الضريبة من شانه أن يكون ذا أثر فورى على خفض الأسعار.

ونأتى للتدخل الثالث وهو بوضوح ضرورة إعادة النظر، ولو مؤقتا، فى أولويات الإنفاق العام وإعادة توجيه المبالغ التى يمكن توفيرها للانفاق الاجتماعى والتخفيف من حدة الأزمة على الفقراء ومحدودى الدخل، وخفض تكلفة الخدمات والرسوم الحكومية عن المواطنين لفترة محدودة، حتى تمر العاصفة.

باختصار يجب أن يشعر المواطن بيد الدولة الحانية والرحيمة فى هذه الظروف الصعبة، فهذا فى صالح الدولة قبل أن يكون فى صالح المواطن.