رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

فى مجتمعنا الذى يعانى من التخلف والفقر، وهو مجتمع يشكل الدين فيه ركيزة أساسية فى تفكيره وفى حياة الأفراد، ويصطبغ حضور الدين بصبغة الاجتماع السائد، فتكون أنماط التدين السائدة انعكاسًا لحالة التخلف، وقد تكون هذه الأنماط من مسببات التخلف، وذلك حين يبحث التدين عن حقوق الله ويتجاهل حقوق الإنسان، وحين يضخم الإيمان بالغيبى على حساب دور الدين الاجتماعى والدنيوى ويبتلع الغيبى الاجتماعى، ويُغيب به الوعى، ويَسكن الناس على الصبر ويتجاهلوا مقاومة الظلم وارساء العدل، حين يوسع دائرة العبودية من عبودية الله إلى عبودية البشر بدلًا من أن يكون التوحيد هو شهادة تحرير الإنسان من كل صنوف العبودية من دون الله، وهنا نطرح سؤالا مهما كيف يتحول الدين عبر أنماط التدين من كونه أحد أسباب التخلف ليكون أحد مُعامل النهضة والتقدم والعدل والعمران؟ وكيف ينتقل الدين عبر أنماط التدين من السلبية والجمود إلى الفاعلية الايجابية فى حركة الاجتماع؟

إن نمط التدين الفاعل يعى حدود الغيبى، ويوظف الإيمان بالغيبى لتحرير الروح الإنسانية فى الدنيا، ويبرز التأثير الفاعل للإيمان بالغيبى على صناعة الضمير الإنسانى، والذى ينعكس بالإيجاب على الرأسمال الاجتماعى، لأن بناء الضمير الحى له مردود كبير على مجمل الحياة الاجتماعية، كما أن ترسيم الدين لمجمل القيم الأخلاقية من الصدق والإخلاص والإحسان والخير يسهم فى تنمية الاجتماع الإنسانى، لما للقيم الأخلاقية من دور بارز فى نهضة الاجتماع البشرى، فالقيم الأخلاقية حين تترسخ فى حياة الأفراد تنعكس فى تأثير واضح كمعامل مادى فى كافة شئون الاجتماع، من بناء مجتمع قائم على التعاون والتعاطف والوحدة البناءة الذى يسهل النهضة والتقدم، وذلك لأن أى تقدم اجتماعى أو اقتصادى تقف خلفه منظومة من القيم الأخلاقية الروحية التى تحرك التقدم والنهضة المادية.

وأن نمط التدين الفاعل يقوم على تحرير الغيبى من روح الأسطورة والخرافة حتى يكون الإيمان بالغيبى فاعلا فى حياة الإنسان والمجتمع، فى حين أن إغراق الغيبى فى الأسطورى والخرافى ينشر بين الناس الاتكالية والسكون انتظارا لنزول المعجز السماوى الذى يغير لهم حالة الاجتماع المتخلف الذى يعيشون فيه، كما أن انتشار الخرافة الدينية فى المجتمع يجمد التطور فى حال الاجتماع، ويحد من فاعلية العقل فى ممارسة نشاطه الخلاق فى الإبداع الذى يحرك حالة الاجتماع الساكن، كما أن نمط التدين الفاعل هو الذى يتخذ من الإيمان بالله طريقًا لتحرير الإرادة الإنسانية من كافة الأغلال، وتحرير الروح الإنسانية من كل أشكال الأصفاد فى الحياة الدنيوية، وذلك بدلا من أن يكون الإيمان بالله طريقا لتوسيع حجم تأثير الإرادة الإلهية فى حياة الإنسان والعالم على حساب تكبيل الإرادة الإنسانية والإيمان بقوتها، ودورها فى تغيير واقع الاجتماع المتخلف، ولا تنتظر هذه الإرادة المدد من السماء لتغيير واقعها دون عمل يذكر منها، فالله لا ينزل من السماء ليحارب معارك الإنسان على الأرض، معاركه فى التنمية والنهضة والتقدم، معاركهم فى ارساء العدل والقانون والنظام، معاركهم فى الارتقاء بحالة الإنسان، فإرادة الانسان وفعله يسبقان التوفيق الإلهى، وذلك لأن نظام العالم الذى سنه الله يقوم على العلاقة السببية بين الأشياء، ولابد للناس من الأخذ بالسنن الكونية الربانية.

ولقد نادى جل المصلحين من رفاعة الطهطاوى إلى الأفغانى ومحمد عبده، والصعيدى وأمين الخولى بأهمية القراءة الاجتماعية للدين، تلك القراءة التى تكشف عن أهمية دور الدين فى الحياة الدنيوية، وأن الإسلام هو دين للعقل والعلم والمدنية، دين يعتنى بشئون الدنيا، فالإسلام لا يحض على الزهد فى الدنيوى بل يدعو إلى اعمار الدنيا، وأن يكون المسلم قويا عزيزا، وأننا ينبغى الا نقف عند حدود الإسلام الطقوسى فقط، بل لابد أن نركز على دور الطقس والشعيرة فى حركة الاجتماع، وكيف تكون فاعلة فى النهضة والتقدم، وأن ترسيخ قيم العلم والعمل والبذل والعطاء والإحسان هى ما تساعد بالدفع فى دور الدين فى نهضة حركة المجتمع وتقدمه.