رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

منذ بدء الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، تتلاحق الأحداث في جميع الاتجاهات، بشكل أسرع من التوقعات والتحليلات، خصوصًا على الجانب الإنساني، الذي يطغى على ما عداه من مشاهد دمارٍ قاسية ومؤلمة.

لعل أبرز ما كَرَّسه الغزو الروسي، هو رسوب الغرب وفشله الذريع في اختبار حقيقي، أمام معاناة النازحين، بادعائه الكاذب امتلاك ثقافة قيم المساواة ورفض العنصرية والتمييز بين الناس، على أساس الدين أو الجنس أو اللون!

إن المتابع لسير الأحداث لا يجد أدنى صعوبة في اكتشاف نفاق وهمجية «المتحضرين»، المتشدقين بالقِيم وحقوق الإنسان، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بغير الأوروبيين، الفارِّين من جحيم القصف والعدوان الروسي!

عشرات آلاف الأوكرانيين يتدفقون على حدود البلدان المجاورة، تم استقبالهم بكل إنسانية وترحيب، وهم يستحقون ذلك، لكن في المقابل كان الأمر صادمًا ومِحنة حقيقية للاجئين العرب والأفارقة والآسيويين، الذين أُغلقت جميع الأبواب في وجوههم!

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ظهرت مجموعة مصطلحات ومفاهيم غير إنسانية، تحمل نبرة عنصرية ونظرة دونية لغير الأوروبيين، استخدمها كبار المسؤولين والسياسيين ومراسلو وكالات الإعلام العالمية، ليعبروا بوضوح عن انعدام البُعْد الأخلاقي وتجردهم من أية مشاعر!

تصريحات همجية تعبر عن مشهد عنصري بامتياز، خصوصًا عندما يعقدون مقارنات «سخيفة»، بين الدولة الواقعة في أوروبا الشرقية الأكثر «تحضرا»، وغيرها من البلدان العربية والإسلامية المنكوبة على أيدي الغرب المتحضر!

اللافت أن تلك التصريحات الغبية، تزامنت مع تغطية إعلامية غربية واسعة للحرب وللأزمة الإنسانية التي خَلَّفَتها، حيث عبَّر الصحفيون وضيوفهم عن «صدمتهم» لرؤية ما اعتادوا حدوثه في الشرق الأوسط، أن يحدث لأوروبيين «يشبهونهم»!

تعاطفٌ مشبوهٌ يؤكد أن ذاكرة «المتحضرين» متآكلة ومثقوبة عندما يتعلق الأمر بنظرائهم الأوروبيين، وفات هؤلاء أنهم الذين استعمروا ونهبوا موارد العرب وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بل كانوا المسئولين عن «الهولوكوست»!

ما حدث في أعقاب الغزو الروسي، كان صادمًا للغاية، خصوصًا تلك التصريحات المؤسفة لمن يفترض فيهم التحلِّي بالمسئولية، حول لاجئي أوكرانيا «المتحضرين»، والتي لم تخلُ من عبارات مسيئة وعنصرية بحق بقية اللاجئين!

لقد أثبتت الأزمة أن أوروبا تعرف كيف ترحب بإنسانية ورحمة، بتدفق كبير ومفاجئ للاجئي أوكرانيا الهاربين من أتون الحرب، لكنها في الوقت ذاته وضعت الكثير من العقبات القاسية، أمام الفارِّين «الملونين»، غير المتشابهين معهم في الدين أو الإنسانية!

أخيرًا.. رغم أن معاناة اللاجئين تظل واحدة بين «المتحضرين» وغيرهم، إلا أن تعامل الغرب يتسم بالتناقض والكَيْل بمكيالين، حيث التضامن الإنساني بِلُغَةٍ منحازةٍ، في مقابل عنصرية بغيضة، بعيدة تمامًا عن الأخلاق والقِيَم!

فصل الخطاب:

يقول المؤرخ اليوناني «ثيوسيديدز»: «القويُّ يفعلُ ما يشاء، والضعيفُ يعاني ما يجب أن يعانيه»!

[email protected]