رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

القرار الذى اتخذه البنك المركزى منذ أيام بوقف العمل بنظام مستندات التحصيل وتعميم آلية الاعتمادات المستندية فى عمليات الاستيراد هو قرار تأخر كثيرا لكن أن تأتى متأخرا أفضل من ألا تأتى على الإطلاق.

ذلك لأن ثمة سلبيات واضحة كانت ترتبط بنظام مستندات التحصيل وهى سلبيات كان يجب الانتباه لها منذ فترة طويلة والتصدى لها قبل أن تستفحل وفى نفس الوقت عدم الإضرار بالقطاعات الإنتاجية الجادة التى تعتمد فى إنتاجها على استيراد المكونات أو المواد الخام أو السلع الوسيطة.

واما عن سلبيات نظام مستندات التحصيل الذى كان متبعا فهى لا تعد ولا تحصى منها على سبيل المثال لجوء المستوردين إلى السوق الموازية لتدبير احتياجاتهم من الدولار اللازم لعمليات الاستيراد ومن ثم كانت هذه العمليات تشكل ضغطا على الدولار سعرا وإتاحة ومن ثم لم يكن البنك المركزى يستطيع التنبؤ بحجم الطلب أو مدى تاثيره على سعر الصرف ناهيك عن تسرب كميات كبيرة من الدولار إلى خارج القنوات الرسمية ومن ثم فقدان جزء من الموارد الدولارية للبلاد.

من السلبيات أيضا لجوء عدد كبير من المستوردين إلى «ضرب الفواتير «عند الإفراج عن البضائع المستوردة وبالتالى لايدفعون الرسوم الجمركية الحقيقية ومن ثم يحققون أرباحا غير مشروعة على حساب الموارد المستحقة للخزانة العامة.

ثالث هذه السلبيات يتمثل فى عشوائية عمليات الاستيراد التى كانت تتم بنظام مستندات التحصيل وكان يتم إغراق السوق المصرية بكميات هائلة من بضائع قد يكون لها بديل محلى فتقتل صناعات وليدة تستحق المساندة وقد تكون سلعا رديئة أو سلع السوق ليس فى حاجة حقيقية لها ومن ثم تبديد جزء من موارد البلاد الدولارية على سلع استهلاكية وترفيهية لا لزوم لها

ونتج عن هذه السلبيات وغيرها مايمكن تسميته بمافيا الاستيراد العشوائى التى تحقق أرباحا طائلة دون إنجاز عمل حقيقى وتضر الاقتصاد الكلى أكثر مما تفيد وهو الأمر الذى يفسر جانبا من الهجوم الضارى الذى تعرض له البنك المركزى والقرار فور صدوره.

ليس معنى ذلك أن كل من هاجم القرار ينتمى الى دوائر الاستيراد العشوائى فهناك أصوات معارضة للقرار لها وجهة نظر محترمة خاصة فى القطاع الصناعى لكن موجة الهجوم العالى جاءت فى أحد جوانبها تعبيرا عن لوبى مصالح فى سوق الاستيراد لا يريد للامور أن تنضبط ونسى هؤلاء أن هذا القرار جاء مكملا لإجراءات سابقة ومن ثم أصبح صدوره ضروريا لاستكمال ضبط منظومة الاستيراد ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال منظومة التسجيل المسبق للشحنات وغيرها.

لذلك فإن صمود البنك المركزى فى مواجهة هذا الهجوم هو أمر يستحق المساندة والتشجيع والإصرار على تنفيذ القرار هو فى صالح الاقتصاد الكلى كما أن استثناء بعض أنواع السلع مثل الأدوية ولبن الأطفال والسلع الغذائية من الالتزام بآلية الاعتمادات المستندية نزع من يد جماعات المصالح سلاحا حاولت به ابتزاز البنك المركزى واعطى رسالة مفادها أن القرار يهدف لضبط منظومة الاستيراد وليس التضييق على أحد.

فى المقابل يجب النظر إلى الفوائد الإيجابية للقرار والتى تخدم حركة النشاط الاقتصادى بصفة عامة وهى فوائد متعددة تشمل تحديد حجم الاحتياجات الاستيرادية للبلاد على نحو دقيق وخاضع للرقابة المصرفية ومن ثم إغلاق الباب أمام استيراد أشياء لا لزوم لها أو ذات بديل محلى أو منخفضة الجودة وكذلك ترتيب أولويات الاستيراد بحيث يتم تعزيز القطاعات الإنتاجية على حساب القطاعات الإستهلاكية وأخيرا حصر حركة النقد الأجنبى الداخل والخارج من البلاد عبر آلية محكمة تساعد صانع القرار على تخطيط سياسة أكثر كفاءة فى إدارة موارد البلاد من النقد الأجنبى فى ظل تداعيات أزمة اقتصادية عالمية تتوالى فصولها ولا نعرف ماذا تخفى الأيام القادمة من مفاجآت هذه الأزمة ومن ثم يمكن القول إن القرار فى جزء منة هو بمثابة إجراء استباقى لسيناريوهات سيئة قد تفاجئ بها مثل بقية دول العالم

النقطة الأخيرة تتعلق باستثناء فروع الشركات الأجنبية من هذا الإجراء فهذا الاستثناء غير مفهوم وغير مبرر لأنه يخل بمبدأ تكافؤ الفرص وحرية المنافسة فى السوق فكيف لمصنع يملكه مستثمر أجنبى ويجاور مصنع آخر ينتج نفس السلعة ومملوك لمستثمر مصرى كيف نسمح للاول بالاستيراد بالطريقة التى تناسبه ثم نلزم الثانى باتباع آلية محددة للاستيراد.

هذه الثغرة ربما تجعل المنافسة بين المصنعين غير متكافئة وتفيد طرفًا على حساب الطرف الآخر الأمر الذى يقتضى ضرورة إعادة النظر فى هذا الاستثناء غير المفهوم.