رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

 

فى أعقاب انهيار الكتلة الشيوعية والتى كان يتزعمها الاتحاد السوفيتى عام ١٩٩١، تحول الإجماع العالمى لسياسة التنمية الاقتصادية إلى نموذج توافق واشنطن هذا النموذج القائم على تحرير التجارة، الاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى العالمى، اقتصاد السوق، الخصخصة ولكن يبقى الأهم ألا وهو الدور الاقتصادى للدولة والمرتبط بمدى التبعية والاستقلال فى انتهاج السياسات دون تبعية أو مشروطية. والملاحظ أن أغلب الدول الشيوعية دخلت إلى نموذج توافق واشنطن تقريبًا عدا دولة الصين الشعبية التى حلقت بعيدًا فى السرب وحققت المعجزة الاقتصادية التى تتطلع إليها كافة الدول خاصة دول العالم الثالث.

وأعلنت الصين عن ظهور نموذج جديد موازٍ تحت مسمى نموذج توافق بكين، الذى يقوم على تدخل الدولة فى الشأن الاقتصادى، مع توظيف قوة الدولة فى بناء البنية التحتية وتعزيز النمو الاقتصادى، وهو ما ساهم فى تعاظم إدمان سلطة الدولة مع مرور الوقت، الأمر الذى حمل معه مخاطر عالية جدًا قد تصل إلى المساس بالأمن القومى واستقرار الدولة من أساسه، فطبقا لما ذكره تايلر كوين أستاذ علم الاقتصاد الأمريكى، أن خطورة نموذج توافق بكين ساهم فى ترنح مبدأ المقابلة، وإحداث التوازن المنشود فيما بين وجود حكومة ذات قدرات هائلة من ناحية ومجتمع مدنى على نفس الدرجة من القوة، سواء فيما يخص عملية التقييد أو حرية التعبير أو الحريات الدينية.

نموذج توافق بكين لم يحافظ على توازن عملية المقابلة وانتصر لصالح وجود حكومة ذات قدرات هائلة على مجتمع مدنى أقل قدرة أو حتى المشاركة فى تعزيز قدرات الحكومة الهائلة، الخطورة انعكست على زيادة خوف دول الجوار خاصة تايوان وهونج كونج واليابان وغيرها بل والعالم من هذه القوة الصينية.

ومحليا نجد أن التجربة المصرية وفق رؤية مصر ٢٠٣٠ تقوم على التكامل بين الإجراءات المنجزة فى ثلاثة مجالات رئيسية، تشمل أولًا النمو الاقتصادى والعدالة فى توزيع عوائد هذا النمو، ثانيا حفظ الموارد الطبيعية من أجل الأجيال القادمة، من خلال إيجاد حلول قابلة للاستمرار للحد من استهلاك الموارد وحفظ الموارد الطبيعية، ثالثًا التنمية الاجتماعية من خلال مجموعة من الالتزامات أهمها القضاء على الفقر المطلق، دعم العمالة الكاملة، تشجيع التكامل الاجتماعى القائم على دعم حقوق الإنسان، وتحقيق الإنصاف بين الرجل والمرأة، مع إدراج أهداف التنمية الاجتماعية ضمن برامج التكيف الهيكلى، ويبقى الأهم تعزيز مفهوم التمكين للجميع وعلى قدم المساواة خاصة فيما يتعلق بالتعليم والرعاية الصحية الأولية، والتى نجحت فيها مصر بالفعل.

مصر سعت بقوة نحو تدعيم الحاجة إلى التنمية الشاملة بصورة تفوق الحاجة إلى تحقيق النمو الاقتصادى، من خلال إحداث عملية تغيير جذرى فى بنية الهياكل الاقتصادية والاجتماعية، بالاعتماد على عناصر متكاملة تشمل الشمولية بما تعنيه من اشتمال جميع العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وحدوث زيادة مستمرة فى متوسط الدخل الحقيقى لمدة طويلة الأجل أكثر من فترة، مع تحسن فى توزيع الدخل لصالح الطبقة الفقيرة، وأخيرا تحسن فى نوعية السلع والخدمات المقدمة للأفراد، ونرى أن عملية التنمية هذه تحتاج إلى تمويل قد تكون مصادره من المدخرات الوطنية والاستثمارات الأجنبية والاقتراض، والأهم الصادرات التى تسعى الدولة إلى تنظيمها خلال السنوات الثلاث المقبلة، ونرى انها تتطلب مجموعة من المقومات أهمها أن يكون الإنتاج وفق مواصفات دولية، مع التزام بمعايير البيئة، وطرح الإنتاج وفق أحدث التقنيات، ودراسة كاملة للسوق وتبنى مفهوم خدمة ما بعد البيع. مصر تستطيع بالفعل إحداث التوازن المنشود بين قدرات الحكومة الهائلة وقدرات المجتمع والاهتمام النسبى بالتنمية الاجتماعية كأساس لمفهوم دشنته الدولة المصرية، يقوم على مفهوم الدولة التنموية وهى إشارة لما يمكن أن نحلم به وهو نموذج توافق مصر.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام